قمة العرب في بغداد : من الجولاني إلى خور عبد الله … ضيافة بطعم الطائفة
بقلم :: نهاد الزركاني
في بغداد، انعقدت الجامعة العربية… لا، لم تُعقد قمة قرارات، بل قُدّمت مسرحية سياسية باهتة بحجم المليارات التي صُرفت على فنادق وإضاءة طرقات لم يمر بها المواطن. العرب اجتمعوا، ليس حبًا ببغداد، بل لأن أحدهم تذكّر أن العراق ما زال في الخريطة، ويمكن زيارته شريطة أن تُعقّم العاصمة قبل وصولهم، وتُخلى من مواطنيها كي لا يُحرجوا سموّ القادة.
أما من هو “ضيف الشرف”؟ فليس عالمًا من علماء الأمة، بل الإرهابي الجولاني، الذي وصل القمة بربطة عنق جديدة، كأنما تم غسله من دماء العراقيين و السوريين ليلقي كلمة ربما في جلسة “مكافحة الإرهاب”. هكذا أصبح المشهد: يُستقبل القاتل ويُنسى الشهيد، وتُفتح بوابات بغداد لمن أغلق أبواب حلب.
أما عن المساواة، فحدث ولا حرج. يُستقبل الأشقاء الخليجيون بكل حفاوة، وهم أنفسهم من دعموا (بلا خجل) القرارات الدولية التي تنازلت عن خور عبد الله. هناك، حيث البحر العراقي ضاق حتى كاد يختنق، كان المال الخليجي حاضرًا، واللوبيات تضغط، بينما صمت القادة العرب أو صوّتوا “لمصلحة الاستقرار”… استقرار من؟ بالتأكيد ليس استقرار العراق.
الوحدة المذهبية المؤقتة – متى كان العراقي يُعامل كعربي؟
في القمة، صدّعونا بالوحدة العربية. لكن لنسأل بصراحة جارحة:
متى عاملتم العراقي كعربي لا كمشتبه طائفي؟
في مطاراتكم، يُستقبل العراقي بالسؤال: “من أي منطقة؟ من أي مذهب؟ شيعي؟ سنّي؟”، وكأن الهوية العراقية يجب أن تمر أولاً في مختبرات الفحص الطائفي.
هذه ليست وحدة، بل نفاق مزخرف.
العربي مرحّب به… بشرط أن لا يكون عراقيًا.
وإن كان عراقيًا، فبشرط أن يكون من “مذهب مناسب”.
أما إن لم يكن كذلك، فسيُعامل كغريب بين أهله، كأنه ابن غير شرعي لفكرة العروبة.
خاتمة: قمة العرب أم حفلة تجميل جماعية؟
الجامعة العربية في بغداد كانت كمن يحاول تجميل جثة.
مكياج دبلوماسي فوق وجه سياسي متحلل.
لم نرَ موقفًا من الاحتلال، ولا من التآمر على فلسطين ولبنان و اليمن ، ولا من الفتن الطائفية التي يمولها بعض الحاضرين أنفسهم.
القمة انتهت، وبغداد ستطفئ أضواءها، لتبقى في الظلام وحدها.
والعراقي؟ سيعود يُسأل في المطارات عن مذهبه، وسيبقى البحر مملوكًا لغيره، بينما يُقال له: “أهلاً بك في بيت العرب”.
بيت لا مفاتيح له، ولا كرامة فيه.