♦️عرفة…مكانٌ وزمان

 

عرفة ، عنوانٌ تتهافتِ الأقلامُ للكتابة عنه ، وتحنو القلوب لذكره ، وتترقرقُ الدموعُ في محاجرها تتوسل بارئها خجلة مما اقترفته النفوس .

تُرى أيّ حقيقة يحملُ هذا العنوان ؟

أتراه زمان أم مكان ؟

وهل مِن فرقٍ بين الأمرين ؟

اسئلةٌ جمّة تحملها النّفس التي تعشقُ الغوص في حقائقِ المفاهيم ، كم مرة منعتها ولكن دون جدوى ، فهي تأبى ذلك المنع .

وها أنا اقف بين يدي ذلك المفهوم العجيب ، الذي بعد عناء البحث وجدته قد جمع بين الزمان والمكان ، لأخاطبه مخاطبة العاقل للعاقل ، وأفتح معه آفاق المعارف ، لنعِ جيداً حقيقته ، فالوعي قائد .

فكلّما عرفنا حقائق مفاهيمنا الإسلامية كلّما تصلّبت عقيدتنا ، وعجزتِ الأعداء عن النيل منّا .

تُرى كيف جمع بين الزمان والمكان ؟

لنحاول تسليط الضوء أكثر ، على هذا السؤال لأهميته

فالمكان في عرفة خاص ، يتمثّل بذلك الجبل المكي الذي ترسو عنده سفينة المساكين والمذنبين من ضيوف الرحمان فتشخص الأبصار للعلي القدير وتُرفع الأيادي راجية ، متوسلة ، قد ملأها الحجيج بالدموع طلباً للعفو وقبول توبتهم .

وأما الزمان فهو عام يشمل كلَّ العباد أين ما كانوا ، سواءٌ كانوا عند ذلك الجبل المكي أم غيره ، ولكن للرحمة الإلهية تجلّيات ، فنراها تتجلّى عند أوسع وأسرع السفن فترسو عند الإمام الحسين (عليه السلام ) ليحط ذلك المفهوم العجيب عند ضريح الحسين (عليه السلام ) زائراً ، حاله حال بقية الزائرين .

ماذا تريد أيها المفهوم الزماني ؟

هل أذنبتَ لترسو عند مولاي الحسين (عليه السلام ) ؟

فيجيبني :

أنا مرسال الرحمان جئتُ أحمل دعوات الزائرين الى ذلك المكان المكي لتشاركوا الحجيج حجهم ، وقبل أن أحملها طفت قبر سيد الشهداء (عليه السلام ) لأتبرك به ، فبه نلتُ شرفاً عظيما ، وبه كتبكم الله من الحجيج ، فالدعاء تحت قبته الشريفة مجابة وبيوم عرفة يتضاعف كلَّ شيء .

وهنا اتضح لي سر الإرتباط بين عرفة والإمام الحسين (عليه السلام )

فشرف المكان الذي كان جامعاً بين ذلك الجبل و ضريح الإمام (عليه السلام ) ، وشرف الزمان في إستجابة الدعاء .

وأفضل الدعاء هو الأعتراف بالذنوب ، وطلب التوبة والمغفرة ، متوسلين بالحسين (عليه السلام ) .

لنكون في يوم عرفة من الزائرين ولو من بعد لسفينة النجاة ، فنكون من الناجين بفضله ،

واعلموا إن الله يحب إلحاح الملحّين ، فيوم عرفة فرصة للجميع

لنرسو عند ساحله ونغترف من ماءه ، فنروي عطش النفوس لحقيقة ديننا السمح الذي فتح لنا ابواباً للوصول الى الحقيقة ، فنحظى برضا الله وأهل بيته الأطهار .

قد أكون عرفت جزء من حقيقةِ ذلك المفهوم ، لكنّي ما زلت عطشة لمعرفة الأكثر .

لذا سأستمر بالإبحار حتى أرتوي من علوم أهل البيت (عليهم السلام ) .

وأسأل الله لي ولكم التوفيق لما يحب ويرضى .

 

بقلم /وجدان الشوهاني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات