الأسم الحَسن حق كفّله الاسلام

في خضّم أعمال المنزل، التي تحوطني من كل جانب، فالزوج والأولاد، وأعمالي المنزلية، وغيرها من أمور كثيرة،
وما أن انتهي، حتى أجد ولدي صادق، ينظر لي، وفي نظراته اسئلة جمّة، لكنه متردد لأنه يراني منهكة ، ولذا بادرته بالسؤال!
ولدي الغالي:
ما الذي يدور في خلدك ؟
فأنا امك، وكهفك، الذي تلوذ به.
فقال : اراكِ متعبة، ولا أريد أرهاقكِ.
فقلت : يا قرة عيني، لقد كبرت، وبدأت تشعر بتعبي، كم أنا سعيدة، ومن فرط سعاتي زال كل التعب ؛
فسل ما بدا لك، وكلّي آذان صاغية.
فقال: أماه ، لماذا سميتني صادق؟؟
فقلت : آه، لقد عُدت بي، الى ذكرى كادت أن تأخذني الى عالم آخر …
فقال : وكيف ؟
فقلت : عزيزي ؛ لقد تعسرت ولادتي كثيراً، وكُدت أفقد حياتي، وصادفت ولادتك، في ذكرى أستشهاد الامام الصادق عليه السلام، فتوسلت به، وندبته، وعقدت مع نفسي عهداً، أن تسهّلت الولادة، وقمتُ بالسلامة، وكان المولد سليماً أن أسميه صادقاً، تيمّناً بالإمام (عليه السلام )؛ وبفضل الله وكرامة الإمام حصل المراد وسميتك صادق .
ولكن ما الذي دعاك للسؤال ؟
فقال : لقد تكلمت معلمتي في المادة الإسلامية ، عن حق الاولاد على آبائهم، هو أن يحسنوا تسميتهم .
فقلت : بوركت هكذا معلمة،
لاشك أن مسألة الأسماء من المسائل المهمة في حياة الناس، إذ الاسم عنوان المسمى، ودليل عليه، وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه، وهو للمسمى زينة، ووعاء وشعار، يُدعى به في الآخرة والأولى، يابني ؛ معرفة أن هذا الاسم سيكون ملازما له طوال حياته، وقد يسبب له من الضيق والإحراج ما يجعله يضيق بوالده أو والدته، أو من سماه بهذا الاسم .
فيجب على الآباء أن يتخيروا لأبنائهم الأسماء الحسنة عندما يولَدون، وأن يتجنبوا تسمية الطفل، بأسم قبيح يَسُوءه في كِبَره، حيث إنه مما لا شك فيه، أن لاسم الإنسان أثرا على نفسيته.
فقال: كم جميل هذا الكلام ، أماه حدثيني عن مولادي الصادق قليلاً .
فقلت : والأبتسامة تعلو شفاهي لطلب ولدي ، سمعاً وطاعة بني.
الإمام الصادق، هو الإمام السادس الإثنا عشرية، وكانت فترة إمامته 34 عاماً، ولد في المدينة، واستشهد فيها وكان عمره يوم شهادته (65 أو 68) عاماً، ودُفِنَ في البقيع إلى جانب أبيه الإمام الباقر، وجدّه الإمام السجاد، والإمام الحسن.
فقال : لماذا لقب بالصادق ؟
فقلت : لقّبه به جدّه النبي الأكرم، لأنه أصدق الناس في حديثه وكلامه.
فقال : وماذا عن صفاته ؟
فقلت : لقد كان الإمام الصادق يُشرف على خدمة الضيوف بنفسه، وكان يأتيهم بأشهى الطعام وألذه وأوفره، وكان يأمر في كل يوم بوضع عشر ثبنات من الطعام، يتغدّى على كل ثبنة عشرة.
فقال : وماذا بعد ياامي حدثيني أكثر .
فقلت : كان الإمام الصادق  يقوم في غلس الليل فيأخذ جرابا فيه الخبز، واللحم، والدراهم، فيحمله على عاتقه، ويذهب به إلى أهل الحاجة من فقراء المدينة، فيقسّمه فيهم وهم لا يعرفونه، وما عرفوه حتى مضى إلى الله فافتقدوا تلك الصِلات، فعلموا أنها منه.
فقال : وماذا بعد ؟
فقلت : سأحدثك عن تواضعه ؛كان من تواضعه، أنه يجلس على الحصير و يرفض الجلوس على الفرش الفاخرة، وكان يُنكر ويشجب المتكبرين، وقد قال ذات مرّة لرجل من إحدى القبائل: مَن سيّد هذه القبيلة؟
فبادر الرجل قائلا: أنا.
فأنكر الإمام ذلك، وقال له: لو كنت سيّدهم ما قلت: أنا.
فقال : تُرى كيف كانت عبادته ؟
فقلت : وما عسى أن نتحدث عمن عبادته موفورة، وأوراده متواصلة، يقسم ساعاته في الليل والنهار، على أنواع الطاعات، حتى أقرّ من لم يعتقد امامته بأنه سلام الله عليه من أكابر الزهاد، الذين يخشون الله عزّوجل، ولا بدع إذا كان أبو عبد الله الصادق، أفضل الناس عبادةً وزهادةً وورعاً، فإن عبادة عبد مولاه على قدر علمه، ومعرفته به سبحانه (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء).
فقال : وكيف كان دعائه؟
فقلت : أشاد الامام الصادق عليه‌السلام بفضل الدعاء، وأهاب بالمسلمين أن لا يتركوه في جميع أمورهم، صغيرها وكبيرها، وأن يكونوا على اتصال دائم بالله، الذي بيده جميع مجريات الاحداث، وكان من بعض ما قاله فيه :
قال عليه‌السلام : « عليكم بالدعاء ، فإنكم لا تقربون بمثله، ولا تتركوا صغيرة لصغرها، أن تدعوا بها، إن صاحب الصغار هو صاحب الكبار »
فقال: أيعقل أن لدينا هكذا رجل، ولا نجد في كتبنا المدرسية أي ذكر له .
فقلت : هذه هي الظلامة الحقيقة.
فقال: أتعلمين يا أمي، بإنني اليوم وكأنما بدأت حياتي، ولذا سأسعى لأكون على خطى الإمام ما استطعت،
وأريدك؛ ان تدعي لي بالتوفيق للسير بخطاه
فقلت : والفرحة تعلوني، دمت موفقاً ولدي العزيز.
فقال: أماه ، اعتذر منكِ ، لأنك منهكة، ورغم التعب، لم تبخل عليّ بالإجابة، والان اكتفيت ، وسأبحث عن المزيد بنفسي ان شاء الله.
فقلت : بوركت بني، ولكن ما دمنا تكلمنا في السيرة العطرة، دعنا نختم الحديث، بدعاء الفرج طلباً للبركة، ولأن يوفقك لما طلبت .
فقال: سمعاً وطاعة .
فقمنا سوية وقرأنا دعاء الفرج .

اللهم عجل فرج مولانا صاحب الزمان، واجعلنا ممن يسير بخطى أهل البيت جميعا، وان نكون للإمام الصادق، خير طلاب في مدرسته التي بناها للإسلام .

بقلم /ام محمد حسين الاسدي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات