(لآلئ صادقية )

 

تُرى كيف السبيل للكمال ؟
وهو بغية العارفين ، والمريدين خصوصاً و إن الوصول إلى حقائق الأمور ونيل الدرجات العليا من الكمالات الروحية،
وتحقيق السعادة الأبدية موقوف على الأخذ ممّن جعلهم الله تعالى نبراسًا يضيء دروب العالمين، فهم أبواب الله وسبيله، والدعاة إلى الجنة، والإدلاء عليها، هم سراج متصل بنور السماوات والأرض، فكلامهم كلآلئ من بحر متلاطم الأمواج، كل لؤلؤة بحر من المعرفة بلا قعر، يغرق فيه الغواصون، وأحاديثهم جواهر مكنونة لم تعرف إلى الآن كنوزها.
يقول الشيخ الوحيد الخراساني: كلام أهل البيت كله نور، وأحاديثهم تنحني العقول لارتقائها وعلو مطالبها، بعضها يبلغ بمطالبه الراقية مقامًا من الرفعة يحير العقول.
وعن مولانا الصادق (عليه السلام): (فإن لكلامنا حقيقة وعليه نور، فما لا حقيقة له ولا نور عليه، فذلك قول الشيطان) ” (1).
سلام الله عليك يا مولاي …
وأنّى لي الوصول لتلك الحقيقة ؟
وتلك الحقيقة، فيها ما فيها من العلوم والمعارف التي يصعب عليّ أن أتكلم عنها جميعاً ، لذا وجدت أن التقط من هنا وهناك، ما تناله أناملي من كلام سيدي الإمام جعفر (عليه السلام ) .

فعنه (عليه السلام): (أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا) ” (2)

فكل من يسلك غير سبيل أهل البيت (عليهم السلام)، فأنه يلهث خلف سراب وقد ضل سواء السبيل.

وبما أننا نمر في هذه الأيام بذكرى استشهاد الامام الصادق (عليه السلام)؛ وهو نجم لامع من نجوم آل محمد، وبحر لا حدود لقاعه، دعونا نغوص في أعماق هذا البحر الواسع، لنجمع لآلئه الثمينة والمتنوعة، ونضيء طريقنا بها لنحيا سعداء ونموت اتقياء، فمن لآلئه (عليه السلام): بالقناعة وفضل العمل على يقين،
هو قوله لحمران بن اعين: “يا حمران، انظر إلى من هو دونك في المقدرة، ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة، فإنَّ ذلك أقنَعُ لك بما قُسِمَ لك، وأحرى أن تستوجِبَ الزِّيادةَ من رَبِّك، وَاعلَمْ أنَّ العملَ الدَّائِمَ القليلَ على اليقينِ أفضلُ عند اللهِ – جَلَّ ذِكْرُهُ – من العملِ الكثيرِ على غير يقينٍ، وَاعلَمْ أنَّهُ لا وَرَعَ أنفَعُ من تَجَنُّبِ مَحَارِمِ اللهِ، والكفِّ عن أذى المؤمنين واغتيابِهِم، ولا عَيْشَ أَهْنَأُ من حُسنِ الخُلُق، ولا مالَ أنفَعُ من القُنُوعِ باليسيرِ المُجْزِي، ولا جَهْلَ أضَرُّ من العُجْب”(3)،
فإن كل فقرة من فقرات حديثه (عليه السلام) كنز لا يفنى، وشعاع ينير طخياء القلوب.

ومن لآلئهِ في أن يكون الإنسان وصي نفسه:

ما قاله (عليه السلام) لشخص التمس منه أن يوصيه، قال(عليه السلام): “أعد جهازك، وقدم زادك، وكن وصي نفسك، ولا تقل لغيرك يبعث اليك بما يصلحك”(4)، أشار الإمام في هذا الحديث إلى عِبرة مهمة لابد من إدراكها، والعمل عليها قبل الرحيل إلى دار القرار، وهي أن يغتنم الإنسان فرصة الحياة في قضاء ما افترض الله تعالى عليه من حقوق، ولا يترك مصيره بيد غيره، ليفعلوا ذلك عنه بعد رحيله ، لإنه غير مضمون، إن يكون من أوصاه أحرص عليه من نفسه، فما أجمله من كلام! وما أعذبه على النفوس! وما أخلبه للقلوب!.

ومن لآلئ كلامه (عليه السلام) ما قاله للمفضل:

(أوصيك بست خصال تبلغهن شيعتي قلت: وما هن يا سيدي؟ قال (عليه السلام): أداء الأمانة إلى من ائتمنك، وأن ترضى لأخيك ما ترضى لنفسك، وأعلم أن للأمور أواخر فأحذر العواقب، وأن للأمور بغتات فكن على حذر، وإياك ومرتقي جبل سهل، إذا كان المنحدر وعرا، ولا تعدَّنَ أخاك وعدا، ليس في يدك وفاؤه ) (5).
فما أحوجنا لتطبيق هذه الكلمات النورانية في منهج حياتنا، لما تحمله من جمال وضاء، يزيد حياتنا رونقًا وبهاء.

ومن لآلئه الثمينة للنجاة من فتن الضلالة :

قال(عليه السلام):”عليكم بالدعاء وانتظار الفرج، فانه سيبدو لكم علمٌ، فاذا بدى لكم فاحمدوا الله وتمسكوا بما بدى لكم”.
وهنا سأل الراوي الامام الصادق: فما ندعو به؟ أجاب –عليه السلام: قل: “اللهم أنت عرفتني نفسك، وعرفتني رسولك، وعرفتني ملائكتك، وعرفتني نبيك، وعرفتني ولاة أمرك، اللهم لا آخذ الا ما اعطيت، ولا واقي الا ماوقيت.
اللهم لا تغيبني عن منازل اوليائك، ولا تزغ قلبي بعد اذ هديتني، اللهم إهدني لولاية من افترضت طاعته”.(6) جعلنا الله وإياكم ممن يقتص آثارهم، ويسلك سبيلهم، وبهتدي بهداهم .

بقلم : صفية الجيزاني
__
1-بحار الانوار ج2ص184
2-معاني الاخبار ص1
3-منتهى الامال ج2 ص173
4-نفس المصدر ص179
5-بحار الانوار ج75 ص250
6-مهج الدعوات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات