افول نجم وخلود بريقه

 

العلماء العاملون كالنجوم التي تضيء لأهل الارض،لتخرجهم من ظلمات الجهل وفتن الأفكار، وهم ورثة الانبياء وخلفائهم وهذا ما أشارت اليه الروايات (العلماء ورثة الانبياء يحبهم اهل السماء وتستغفر لهم الحيتان في البحر اذا ماتوا الى يوم القيامة )١
ما سماهم ورثة الانبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة، لانهم القوام بما بعثوا من أجله ،ولولا وجود هولاء العلماء لانمحى الاسلام ،فهم خبراء الاسلام وحراسه ،وهذا يتأكد في زمن الغيبة قال الهادي:(لولا من يبقى بعد غيبة قائمنا من العلماء الداعين اليه والدالين عليه والذابين عن دينه، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك ابليس ومردته ،ما بقي احد إلا ارتد عن دينه )٢ لانهم مظهري الاسلام ومبينوا القران ولا يمكن معرفة الاسلام ألا بواسطهتم ،وأهداف الاسلام تتحقق بالسنتهم وعملهم، لان كلمة الحق لها تأثيرها الخاص، فكلامهم كالسراج الذي ياخذ بيد الأمة لتعبر الأوهام وتصل الى الأهداف الالهية،ووجودهم موعظة ،فمجرد النظر الى العلماء تثير في الناس العظة والعبرة لانهم دعاة الله الصامتين بأخلاقهم وعلمهم ،قال رسول الله:(النظر الى العالم عبادة )٣وورغم عظمة دماء الشهداءواثره في قوة الأمة وعزتها وحمايتها امن الأخطار إلا أن الروايات تؤكد ان مداد العلماء اثاره أعظم لان الشهيد اختصر الطريق ،وقدم كل ما يملك في سبيل الله روى عن رسول الله:(وزن حبر العلماء بدم الشهداء فرجح عليه )٤لمئات السنين كان علماء المسلمين ملجأ للمحرومين، وقد ارتوى المستضعفين دوما من كوثر زلال معرفة الفقهاء العظام الى جانب جهادهم العلمي والوقوف بوجه الاعداء، ومن هولاء العلماء شيخ الطائفه ذو الفنون نجم الدين الحلي،كان يمتاز بمجموعة من المؤهلات النادرة التي هيئت له الصدارة في القيادة والزعامه؛أستاذا ومرجعية؛فرغم انه عاش في زمن الخراب والدمار بسبب الغزو المغولي ،وفي عصر متأزم فكريا وروحيا ومتدهور سياسيا واقتصاديا، إلا انه استطاع ان ينشر التشيع ويثبت العقائد ويدفع الشبهات حتى انه استاثر باهتمام العلماء الى يومنا هذا ،.كان حامي بيضة الدين وماحي أثار المفسدين ،متمم القوانين العقلية وحاوي الفنون النقلية ،مجدد أثار الشريعه المصطفوية ،محدد جهات الطريقة المرتضوية، وكان كثير النشاط والعطاء وله رحلات علمية اهمها رحلته لإيران والتي صاحب فيها السلطان(خدابنده)الذي أعجب بمهارته في رد الشبهات وسعة اطلاعه بعد مناظرة مع المذاهب الاربعه ،أدت الى تشيع السلطان واعاد لمدينة الحلة مكانتها العلمية وازدهرت المدارس وضربت النقود بأسم الائمة الاطهار في جميع البلدان ،وكانت كثرة تاليفه التي تجاوزت ١٢٠ مؤلفا في مختلف حقول المعرفة أعجوبة لكل من عرفه من المستشرقين والعرب ،وأفل نجمه بعد ٧٧ عاما من العلم والجهادوخدمة العلماء بالمساهمة باغناء الوجه الإسلامي على المستويات كافه حيث لا يزال المسلمين ينتفعون بعلمه وبموته طمس نجم وبقي اثاره وبريقه يهدي الضالين كما قال أمير المؤمنين:(مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر اعيانهم مفقودة وامثالهم في القلوب موجودة )

 

المصادر
١-ميزان الحكمه ،ج٣ ص ٢٠٨٨
٢-ميزان الحكمه ج٧ ص ٢٠٨٧
٣-نفس المصدر السابق ج٣ ص ٢٠٧٠
٤-نفس المصدر السابق ج٣ ص ٢٠١٥

بقلم / ام محمد السوداني

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات