الإمام العسكري ونهجه  الاصلاحي 

 

 

اهل البيت (عليهم السلام )هم سفن النجاة والملاذ والمعاذ لكل الخلق ،وهم سبل الهداية الذين يخرجون الناس من الظلمات الى النور ،ومن هذه السفن الالهية العامرة ،الامام الهمام ،سليل الطاهرين وابو خاتم الوصيين ،الامام الحسن العسكري (عليه السلام)…بأمر من العلي الاعلى وبتعيين من رسول الرحمة ،وبوصية من ابيه الامام علي الهادي ،استلم الامام الحسن العسكري قيادة الامة الاسلامية ،شهد عصره ظروفا معقدة وقد عاصر خلال مدة إمامته ثلاثة من الحكام العباسيين الذين حاولوا بمختلف الاساليب الخبيثة التضييق عليه كما فعلوا مع آبائه الاطهار ،ورغم كل تلك المحاولات الشيطانية ،الا ان نور الامامة انتشر حتى عم الآفاق ،كيف لا وهو الفيض الالهي على البشر ،ومن اهل البيت الذين استقرت محبتهم في القلوب مهما حاول الاعداء والظلمة ان يضللوا حول شخصياتهم المتألقة .

ويمكن عد المرحلة التي عاشها  الامام العسكري من احرج المراحل على الرغم من قصرها ،حيث شهدت احداثا مهمة وخطيرة ،فقد هيأ شيعته من بعد مرحلة الحضور لمرحلة الغيبة والتي كان الهدف منها حفظ الامام المعصوم  واتباعه وحفظ الخط الرسالي من الانهيار والاضمحلال ،وتحقيق دولة العدالة العالمية لاهل البيت (عليهم السلام).

واجه الامام (عليه السلام) الحكام الظلمة واساليبهم التي تميزت بالدهاء والحيلة -كالتظاهر باكرام الامام ،والمراقبة الشديدة لكل احواله وسجنه ومداهمة بيته وغيرها من الاساليب الخبيثة -،بكل دقة وحذر .

عمل على رد الشبهات والدفاع عن العقيدة الاسلامية ،كما عمل على رصد النشاطات العلمية والفكرية ،وتنمية الحس الاعتقادي الصحيح وابعاد الشيعة عن مواضع الشك والشبهة.

اما اهم انجاز للامام الحسن العسكري ،فهو التمهيد لولادة  ابنه المهدي (عليه السلام)،ثم غيبته وذلك من طريق التخطيط الدقيق لحماية  ابنه المهدي وصيانته من الوقوع بأيدي الطغاة ،فقد عمل على إخفاء ولادته عن اعداءه ،فلم يطلع عليه الا اخص الخواص، ومن ثم اعداد الامة المؤمنة لعصر الغيبة وتقبلها لها ، وهذا يحتاج الى بذل جهد مضاعف للتخفيف من الصدمة ،لذلك ركز الامام على الاعداد الفكري والذهني عن طريق استعراض فكرة الغيبة على مدى التاريخ  .وتشجيع الشيعة على الصبر والثبات وانتظار الفرج ،وكذلك الاعداد الروحي والنفسي عن طريق سياسة الاحتجاب ،وتقليل الارتباط لتعويد الشيعة على عدم الارتباط المباشر بالامام ،فلا يشكل الوضع الجديد لهم صدمة نفسية .

ونظرا الى ان عصر الامام العسكري كان يشكل نقطة انتقال من عصر الحضور الى عصر الغيبة ،فذلك كان يستدعي الاعتماد الكبير على نظام الوكلاء تمهيدا لمرحلة الغيبة .

وبعد هذه الرحلة المليئة بالصعاب والجهاد في سبيل الدعوة والاصلاح ،واداء الرسالة بالشكل الكامل ،امامنا الهمام يلتحق بالرفيق الاعلى بعد ان ذاق مرارة العيش مع الحكام الظلمة ،فدسوا له السم وقتلوه ،فقضى نحبه صابرا محتسبا ولم يتجاوز الثلاثين من عمره الشريف .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات