الإمام الحسن العسكري في سطور

 

 

اليوم نعيش تلك الذكرى المؤلمة لأحد خلفاء النبي صلى الله عليه واله الا وهو الامام الحسن العسكري صلوات الله عليه في الثامن من ربيع الأول، ومن فيض هذه الشخصية الملكوتية نستوحي الهدى ونأخذ العبر السماوية.
وبداية وبصورة خاطفة جدا نعرج على سيرته الشريفة، إنه الإمام الحادي عشر، وقد لقب بالعسكري بسبب إقامته في مدينة سامراء التي كانت محطا للجيش او ما يسمى العسكر حينها ولأنها كانت تسمى في الأصل ب (مدينة العسكر).
ولد في المدينة المنورة واستشهد في سامراء في عهد المعتز العباسي عليه لعائن الله، حيث شهد الامام ارواحنا له الفداء من الدولة العباسية اشد وسائل التضييق وسجن عدة مرات وتوعده المهتدي عليه اللعنة بالقتل حتى قتل اللعين بعد وعيده هذا حسب الروايات بستة ايام! حيث نقل عن احمد بن محمد انه كتب الى الامام الحسن العسكري عليه السلام حين اخذ المهتدي في قتل الموالي: يا سيدي الحمد لله الذي شغله عنا فقد بلغني انه يتهددك! ويقول: والله لأجلينهم عن جديد الأرض فوقّع ابو محمد عليه السلام بخطه:« ذلك اقصر لعمره،عد من يومك هذا خمسة أيام ويقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخفاف يمر به».

استلم الامامة من والده الامام الهادي عليه السلام واستمرت ست سنوات حتى استشهد في ريعان شبابه عن عمر يناهز ثمانية وعشرين عاما، ودفن في داره في سامراء بعد ان سلم الامامة لابنه الوصي الثاني عشر الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وهو في الخامسة من عمره.

رغم المحن والصعاب التي مر بها الامام الحسن العسكري عليه السلام الا انه كأجداده وابائه الاكرام شعلة النور التي يهتدي بها التائهون في ظلمات الليل، فقد كان بر الأمان الذي ترسي اليه سفن الضائعين في وقت الفوضى حيث الخلافة العباسية المهترئة وسيطرة الاتراك وغيرهم على الخلافة والناس فكان الامام عليه السلام ملجأ الخائفين والمتحيرين وقوة الضعفاء والمساكين، يطل بنوره فيمسح على قلوب المتعبين رغم التهديد والتضييق والخناق. قد حباه الله تعالى بأن جعله والدا لمنقذ البشرية جمعاء الامام محمد بن الحسن المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، فبلغ عنه ومهد لطريقه حتى يحين اليوم الموعود فتنكس رايات النفاق والكفر وترفع راية الايمان والحق وتنجلي سطوة الظالمين ويرفع الله مقام المستضعفين بعد صبر وعناء وتزكية ونقاء. فهنيئا للثابتين المتمسكين بطريق الحق رغم قلة سالكيه فقد قال الامام الحسن العسكري روحي فداه:«ما ترك الحق عزيز إلا ذل،ولا أخذ به ذليل إلا عز»١ والدنيا وأحداثها تشهد بهذا الميزان الذي تحدث عنه الامام عليه السلام فالعز مع الحق والذل مع من ترك الحق مهما طالت صولة الظالم وبسطت له الأرض فهو هالك لا محال!

وشارفت صولة الظالمين بالهلاك ان شاء الله بقرب ظهور وليه الاعظم سليل النبوة وقائد الكلمة العظمى التي ستنال من كل متكبر وفاسق الذي مهد له ابيه ووعد الناس بظهوره بعد ظلم وجور شديد! ويتحدث ابو غانم الخادم عن احد هذه المواقف فيقول: ولد لابي محمد عليه السلام مولود فسماه محمدا فعرضه على أصحابه يوم الثالث وقال:«هذا صاحبكم من بعدي وخليفتي عليكم وهو القائم الذي تمتد عليه الأعناق بالأنتظار فإذا امتلات الارض جورا وظلما خرج فملأها قسطا وعدلا» ٢

وختاما احبتي مواساة لقب امامكم العسكري عليه السلام ووفاء له لا تتركوا ابنه الغائب عجل الله تعالى فرجه الشريف وتمسكوا به ومهدوا لظهوره فوالله الذي لا إله الا هو إنه الفوز العظيم وكل شيء بعده خسران كبير، ولنطهر قلوبنا من المعاصي والاثام ونبتعد عن الغفلة، ولتصغر ملذات الدنيا وشهواتها في اعيننا حتى نلقى الله ووليه بقلب سليم ووجه مشرف ونفس مطمئنة والله ولي وناصر المتقين.

بقلم :: نورا هاشم

__________

١-بحار الانوار ج 75 ص 374
٢-الامام المهدي ص 132

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات