🌿ومضات 🌿

قال تعالى في سورة النحل { وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18)}
قد يتأمل بعضنا هذه الآية الشريفة ويتبادر لذهنه الفطري أنّ تلكم النِعَم هي فقط مايتفضل بها علينا المولى عز وجل مُنعِما من واسع رحمته في الحياة الدنيا من صحة وأمان ورفاهية …
ولعل يغيب عنه إن النِعَم لا يُراد منها فقط مايعيشه أحدنا في السراء والهناء والعيش الرغيد فنعمل بها شكرا ..
بل ولا ما نحياه من لحظات قد تتفانى فيها الأنا الدنيوية فتعرج أرواحنا في سَفر الإياب صبرا لتقدس وتسبّح الأله الرحيم في حظيرة القدس الملكوتية لما نجده من لذة الألم والأفتقار لنزول الرحمة الربانية في أوقات الضراء والبأساء ..
بل وأكثر من ذلك أيضا ففي كل طرفة عين في عالم الدنيا تتوالى وتتجلى تلك النِعم وتمتد حتى تستصحبنا في محطاتنا الأخيرة مع لحظات الاستحضار ثم حياة البرزخ وما بعدها ..
ففي كل ذلك نستشعر بصدق تلك النعمة والرحمة من لدن اللطيف الخبير التي لا تفارقنا طرفة عين ولا أدنى من ذلك أثناء انتقالنا بين العوالم المختلفة سواء ما نُدرِكه الآن وما لا تُدركه العقول البشرية من عالم الذر وعالم البرزخ والحياة الأخروية..
ففي ركعة آحتياط نركعها هذه نعمة رحيمة لصون صلاتنا من ذهول أو شك يصيبنا لترقى تلك الصلاة ولاتقدح بها جهالتنا وغفلتنا ..
ولعل شعور بالغبن والحزن ينتابنا بسبب ضيق من أمر الدين أو الدنيا فتتجلى آنذاك دعواتنا مرصعة بدموع توبة وخشوع فهذه نعمة..
وقد تكون النعمة ولي أمر أو كل من يتولى من أمرنا شيئا في محل عمل أو مسكن قد نراه ظاهرا قاسٍ متجبر وفي حقيقة الأمر هو عامل من عمال الله في أرضه سخّره ليحمينا من شرور تتربص بنا من شياطين الأنس والجن ..
نُذنب ونعصي رب الأرباب الملك العلّام ثم نطرق باب الاستغفار لنجده مشرّعا على مصراعيه في كل حين فهذه نعمة..
وتعرق جباه الأحباب ثم يسكن أنينها فتنتزع منها أرواح لطالما احتضنتنا صغارا وكبارا بسرورنا وجروحنا
معلنة بذلك عن ساعة وداع تشير عقاربها وقت أذان لصلاتين ، صلاة فرج ولطف لميت الأمس وصلاة تنبيه ورسالة لميت الغد فهذه نعمة ..
وتصل لنا أخبارا عن سؤال منكر ونكير وظلمة وصراط وشفير ورحمة وعفو ومغفرة وشفاعة لسلطان وشهيد وأمير ..فهذه نعمة.. فمن لا يصلحه بلاء الدنيا سيتكفله البرزخ وإن لم يسعه إصلاح البرزخ ستصلحه حتما الدار الآخرة ففي كلٍ نعمة ونعمة ونعمة …حتى نجد تلك النعم والرحمات تحملها حروف النور في قوله تعالى من سورة هود { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ١١٩}..
فخَلقُنا نعمة ومَوتُنا نعمة ونعمة حينما نبعث أحياء …والنعمة الكبرى حينما ندخل في سجل السعداء ..

بقلم :: الحاجة بتول محمد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات