اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ..

 

 

قِفْ -يومًا- عندَ بعضِ العباراتِ التي تُردِّدُها في ليالي وأيامِ شهرِ رمضان؛ فإنّها مفاتيحُ الإجابةِ بشرطِ أنْ تُدركَها بعقلِك وقلبِك، ولا تكنْ قارئًا بلسانِك فقط، فالقُرّاءُ كثيرون، بل كُنْ عاشقًا وأنتَ تقرأ أدعيةَ شهرِ رمضان؛ لأنَّ العاشقَ يبحثُ عن القُرب، فكيفَ وأنتَ في ضيافةِ الحبيبِ الذي خلقَك فسوّاك؟! فلنستعرضْ أسرارَ تلك المفاتيح.
المفتاحُ الأول:
دقِّقْ معي، في قولِ (اللّهُمّ)، فمع أنَّ دعاءَ الإنسانِ يكونُ بنداءِ ربِّه بقولِ (يا الله)، إلّا أنّنا لا نجدُها في أدعيةِ شهرِ رمضانَ المُتعارف قراءتها، وفي ذلك لفتةٌ مهمةٌ، وهي أنّ (يا النداء) تكونُ للبعيد، وحيثُ إنّ لكُلِّ مقامٍ مقالًا، ومقامُنا في شهرِ رمضانَ مقامُ القُربِ، فَعُدِلَ بها إلى لفظٍ يُشيرُ إلى قُربِ العبدِ من ربِّه من دونِ أنْ تكونَ هناك مسافةٌ بينَه وبينَ ربِّه.
ومن هُنا نُلاحِظُ مظاهرَ القُربِ في قولِ (اللّهم)، كيفَ لا وهو أقربُ إلينا من حبلِ الوريد؟!
المفتاحُ الثاني:
لطالما نستعيذُ باللهِ (تعالى) عندَ قولِنا (أنا)، من دونِ أنْ نُدرِكَ الاستعاذةَ من أيّ (أنا)، فالأنا قد تكونُ أنانيةً وقد تكونُ تذلُّلية، والاستعاذةُ تختصُّ بــ(أنا الأنانية)؛ لأنّها شيطانيةٌ فيستعيذُ العبدُ بربِّه من شيطانِ نفسِه.
أما (أنا التذلُلية) خصوصًا إنْ كانَ التذلُّلُ لمن يستحقُّ التذلُّل له، فلا تشملُها الاستعاذة؛ لأنّها في محضرِ من استحقَّ التذلُّلَ وهو اللهُ (سبحانه وتعالى).
وحيثُ إنّ المقامَ مقامُ القرب، لزمَ التذلُّلُ للحبيبِ ليزدادَ العبدُ قربًا منه، حتى يصل.
المفتاحُ الثالث:
السؤال، دقِّقْ معي في النكتةِ العظيمةِ الموجودةِ بالسؤال، فهو سؤالُ استعدادٍ لا سؤالَ حاجة، فليس للعبدِ بعدَ أنْ وصلَ لمقامٍ يصبو الجميعُ للوصولِ إليه، أنْ يسألَ سؤالَ حاجةٍ من حاجاتِ الدنيا، وإنّما سؤالُه سؤال استعدادٍ لتلقّي الفيوضاتِ الإلهية، فلولا استعداده لما وصل، وهذا يحتاجُ إلى تصفيةٍ حقيقيةٍ للنفسِ ليكونَ مُستعدًا لعطاءِ الربّ.
فتلك العباراتُ، أو قُلِ المفاتيحُ، إنْ أدركتَها جيدًا، ستعلم أنّ اللهَ (سبحانه وتعالى) يُريدُك أنْ تكونَ عاشقًا في شهرِه الكريم، يظهرُ أثرُ ذلك العشقِ في جوارحِك وجوانحِك.
فكُنْ واعيًا لما تقولُ، واحذرْ أنْ يشغلَك شيءٌ عن معشوقِك، فكُلُّ عشقٍ لغيرِ اللهِ (تعالى) وأهلِ بيتِه (صلوات الله وسلامه عليهم) هو زائلٌ، فاغتنمْ قُربَك في شهرِ رمضان، وسترى الخير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات