وأنا من حسين…

 

من الاحاديث المشهورة بين الفريقين ،الشيعة والسنة ،حديث رسول الله صلى الله عليه وآله:(حسين مني وانا من حسين ،احب الله من احب حسينا ،حسين سبط من الاسباط)*١.فالحسين عليه السلام هو سبط النبي وابن بنته الزهراء عليها السلام .
ولكن كيف يكون النبي صلى الله عليه واله من الحسين ؟!
ان لهذه العبارة دلالات عميقة ومعاني متعددة ،وقد تقصر عقولنا على فهمها ،وخلال البحث والتقصي وجدنا عدة اجابات على هذا السؤال من الخاصة والعامة
ففي حاشية السندي على ابن ماجه في معنى الحديث :اي بيننا من الاتحاد والاتصال مايصح ان يقال كل منهما من الاخر .
وفي تحفة الاحوذي للمباكفوري :قال القاضي:كأنه صلى الله عليه واله علم بنور الوحي ماسيحدث بينه وبين القوم ،فخصه بالذكر ،وبين انهما كالشيء الواحد في وجوب المحبة وحرمة التعرض والمحاربة وأكد ذلك بقوله (احب الله من احب حسينا)فأن محبته ،محبة الرسول ،ومحبة الرسول ،محبة الله …انتهى
وقيل في معناه ،انه صلى الله عليه واله اراد ان يبين للناس بأن للامام الحسين عليه السلام خصوصية لانه سيحفظ دين محمد صلى الله عليه واله وسيقود مشروعا لتصحيح مسار الرسالة المحمدية الخاتمة ،وبتضحية الامام الحسين عليه السلام وشهادته بقي الاسلام ،بعدما كان على وشك الفناء ، فأراد النبي الاكرم ان يخبر العالم بأن استمرار هذا الدين هو بذرية الامام الحسين عليه السلام ،فمن قتل الحسين ،كأنما قتل رسول الله صلى الله عليه واله.لان دعوة الحسين ودعوة الرسول واحدة ورسالتهما واحدة .
وانها اشارة الى العلاقة النورية بين النبي والحسين عليهما السلام ،ويعني ان نورنا واحد .
في زيارة الجامعة الكبيرة نقرأ (خلقكم الله انوارا فجعلكم بعرشه محدقين…)وفي زيارة عاشوراء(اشهد انك كنت نورا في الاصلاب الشامخة…).
وكذلك اشارة الى عمق العلاقة النفسية بينهما ،فكان رسول الله يظهر محبته للامام عليه السلام ،وتذكر الروايات انه صلى الله عليه واله كان اذا دخل الحسين عليه السلام الى المسجد يترجل من المنبر ويحتضنه ،وايضا تذكر الروايات انه مع عظم شأنه وهو اشرف الخلق ،كان يتوسل بالحسين عليه السلام،فيراه وجه من وجوه الله ومظهر من مظاهره،وتجلي من تجلياته ،وقد اكد رسول الله ذلك في يوم المباهلة ،عندما اخذ اهل بيته ومنهم الحسين عليه السلام وتوسل بهم عند الله تعالى ،
فاذن (الحسين مني )يستمد طريقه ومنهجه مني ،(وانا من حسين)انا اتخذ الحسين رمزا ووسيلة الى الله تعالى ولولا دم الحسين لما بقي للاسلام رسما ولا اسما ،فالحسين عليه السلام قد استقى صبره وقوة ارادته وصموده من جده رسول الله.
وهكذا سيبقى الحسين منارا ورمزا للتضحية والفداء، وستبقى كربلاء عنوانا لا للحسين فقط بل لرسول الله وجهاده وقيمه واخلاقه
وسيبقى الاسلام محمدي الوجود ،حسيني البقاء…
………………………
١-ارشاد الشيخ المفيد ج٢ص١٢٧

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات