الفناء العقائدي

 

ان المتعرض لواقعة الطف الأليمة ولشخصية الحسين سلام الله عليه يلمس اروع صور التضحية لأجل العقيدة والإخلاص لها وتحمل مسؤليتها وان النبل والكمال الأخلاقي لقائدها يحمل. جاذبية يكسبها قوة وجدانية عاطفية متوقدة فالمتعرض لمعرفته وجزئيات تعامله. قولاً وفعلاً مع. المناصرين. والمعادين. والصغير والكبير والأسود والأبيض والرجال. والنساء في اعلى مراتب السمو والرفعة . فأن
اول بذرة تزرع في قلبه هو حب الحسين عليه السلام هذا البطل الهُمام والقائد الفذ وصاحب القوة والقدرة والإرادة الصلبة. في تحقيق هدفه. على طريق الفناء في الحق المحض.
ومن جهة أخرى يراه الحبيب الرؤوف الرحيم صاحب القلب الحنون على اعزاءه. واصحابهِ البرره. وفلذة أكباده المضحين أمامه وحتى على اعدائه رحيم فهو الباكي على الأعداء ألقتلة يقول
(عليه السلام): (إنّ الحلم زينة، والوفاء مروّة، والصلة نعمة،..
وهو المنور للعقول قال (عليه السلام): (مِن دَلائِل عَلامات القَبول الجُلوس إلى أهلِ العقول، ومِن علامات أسبابِ الجَهل المُمَارَاة لِغَير أهلِ الكفر، وَمِن دَلائل العَالِم انتقَادُه لِحَديثِه، وَعِلمه بِحقَائق فُنون النظَر).
والناصح الى ترك صفات الضعف والشر فيقول (
والاستكبار صلف، والعجلة سفه، والسفه ضعف، والغلو ورطة، ومجالسة أهل الدناءة شر، ومجالسة أهل الفسق ريبة).
وهو الواعظ عليه السلام. يقول (يَا هَذا، كُفَّ عَن الغِيبة، فَإنَّها إِدَامَ كِلاب النار).
وتكلّم رجل عنده (عليه السلام) فقال: إنّ المعروف إذا أُسدِي إلى غير أهله ضَاع
فقال ( (عليه السلام)) : ليس كذلك ، ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البرّ والفاجر.
وهو العزة والقدوة للأحرار اذ يقول (موتٌ في عِزٍّ خَيرٌ مِن حَياةٍ في ذُلٍّ).
وملهم العرفان والعبودية لله يقول (البُكَاءُ مِن خَشيةِ اللهِ نَجاةٌ مِن النار).
وكلما تزيد معرفة المريد. والساعي نحو الملهم كلما ازداد. حبا وشوقاً. وشجوناً واقتراباً ونوراً
كيف لا. وهو حبيب الحبيب لمالك الملك والعظيم …تجلت اسماءهُ وعظمت الآؤه
كيف لا. وهو. المعطي لله غاية ماعنده فهو يريد الله. وان يحقق شرع الله ونهجه وغاية ماأُرسل لاجلهِ الرسل والأنبياء فهو وراث الأنبياء نقول في الزيارة السلام عليك ياوراث آدم صفوة الله السلام عليك ياوارث نوح.
كيف وراثهم أكيداً. لانه محقق هدف الأنبياء عليهم السلام. وهو العبادة الخالصة لله وحده لاشريك له وإقامة العدل والنهي عن الظلم. وارتكاب المعاصي ماظهر منها. ومابطن. . كونه إماماً مفترض الطاعة يحمل صفات خاصة ومزايا خاصة ، وهو الذي بوجوده تحفظ الارض ، والذي لولاه لساخت الارض باهلها ،ويتوقف الايمان عند كل شخص من الاشخاص على معرفته ، من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية ،فعلهُ حجه وقولهُ حجة و هو الذي جعله هو الوارث وولده المهدي المصداق الأمثل لهذه الوراثة .وليس مانذكره اكتسبه الامام الحسين عليه السلام بعد قيامهِ وثورتهِ المباركة كما يظن البعض بل الحسين هو رحمة الله. قبل الإسلام. فقد قال تعالى في القران الكريم عن إسماعيل الذبيح وفديناه بذبحٍ عظيم وهو ابا عبد الله الحسين. فلولا الحسين عليه السلام لم يكن إسماعيل ابو النبي الخاتم (ﷺوآله) وهو رسول الرحمة. ومنقذ الأمة من الغمة والظلالة
والحسين رحمة للبشرية جمعاء فهو لايخص الاسلام فقط. بل يدعوا. الى كل مايقيم الإنسان وحقوقه التي خصه الله بها دون جميع المخلوقات. فهو خليفة الله في ارضه فمن حقه العيش عيشة الكرامة والرضا. لأ كما يحكم الطغاة والمتجبرين الذين يتاخذون مال الله دولاً
وعباده الله خولاً…يقول الكاتب المسيحي المعروف، أنطوان بارا، إن “الحسين (عليه السلام) ضمير الأديان، ولولاه لإندرست كل الأديان السماوية، فالإسلام بدؤه مُحمّدي وإستمراره حُسيني، وزينب (عليها السلام) هي صرخة أكملت مسيرة الجهاد والمُحافظة على الدين”.
، فكان المُنعطف “كربلاء”، فلو لم يقم الحسين (عليه السلام) بثورته، لما تبقّى شيء من التوحيد أساساً، ولأصبح الدين الإسلامي الجديد مُرتبطاً بمُمارسات السلاطين الذين على المُجتمع القبول بهم والرضوخ لجورهم واضطهادهم مهما حدث باعتبارهم (ولاة للأمر)”.
ويُضيف بارا “إنّي أعتقد بأنّ الحسين (عليه السلام) كان مسيراً في هذا الإتّجاه لأنّ له وظيفة إلهية
مُحدّدة، كما للأنبياء وظائف إلهية مُحدّدة، ولكن مع الأسف، فإنّه على الرُغم من أنّ الحسين (عليه السلام) شخصية مُقدّسة عندكم أنتم الشيعة والمُسلمين، إلا أنّكم لم تعرفوا قدره وأهملتم تُراثه وثورته، إذ الواجب عليكم أن تعرفوا كيف تنصروا هذا الإمام العظيم…

ويرى أنطوان بارا إن “التشيّع هو أعلى درجات الحُب الإلهي، وهو طبيعي لكل من يُحب آل البيت (عليهم السلام) من ذُرّية مُحمّد وعلي (عليهما السلام)، وهو فخر للبشرية، وكُل شخص في هذا العالم مهما كانت ديانته فإنّه يُمكن أن يكون شيعياً لعظمة الإقتداء بأهل البيت (عليهم السلام)، وكي يُحافظ على جماليات عقيدته”.

فان إمامنا وحبيبنا ابا عبد الله برفضه وقيامه وتضحيته باعز وأغلى مايملك من الروح والأهل والأحباء والأصحاب الذين قال المعصوم عنهم أنصار الله وانصار رسول الله….
أراد ان يثبت للإنسانية الدرس العظيم وهو ان الحق لابد ان ينتصر. ولايعلى. على الحق. شي مهما كان الظلم والجبروت. وطغى الطغيان. والفراعنة لكل زمان ومكان
وهو درس للمؤمنين. وللمسلمين وللإنسانية جميعاً الحفاظ على العقيدة والدفاع عنها باحياء ذكراه الخالدة
فهذا الشافعي يقول :
تأوّب قلبي فالفؤاد كئيب = وأرّق نومي فالسهاد غريب
إلى أن يقول :
فمن مُبلغٌ عَنّي الحسينَ رسالةً = وإن كَرِهَتْها أنفسٌ وقلوب .ُ
ذَبيحٌ بلاَ جُرمٍ كأنَّ قميصَه = صَبِيغ بماءِ الاَُرجوان خضيب

وكما أنّ إحياء ذكراهم يوجب الحفاظ على عقيدتهم التي قُتلوا من أجلها… تلك العقيدة التي يتكوّن جوهرُها من التفاني في سبيل الدين وعدم الخضوع للذُل ّ، والهوان وهم يردّدون شعار «الموت في عزٍ خيرٌ من الحَياة في الذلّ» ويجدّدون في كلّ يوم عاشوراء هذا المنطق العظيم الذي يعلم الشعوب والاَُمم دروساً حيويّة من نهضتهم وثورتهم الكبرى .وهذه الأمانة والمسؤولية علينا ان نبرز الوجه الناصع والمتجدد. مع مرور الأزمان ولانكتفي بالمنهج القديم والطرح السطحي للواقعة من حيث تسلسل الأحداث. بل علينا التعمق. والبحث. عن اسرار. معنوية. روحية. فهي شعلة في قلوب المؤمنين لن تنطفئ أبداً. بل. كما قال احد العلماء كل يومٍ. عاشوراء وكل ارضٍ كريلاء
ولكلٍ. مسؤلية فللفرد بنفسه مسؤلية وللمجتمع مسؤلية وبحسب الظروف فظروف الزمان غير. ذاك الزمان لزماننا ظروف مختلفة عن كل مافات من الازمنة التي مر بها المؤمنين توجد الثقافة والتطور الفكري والتقنية والمعلوماتية بشكل كبير وواسع النطاق وبإمكان المؤمن يبحث وينشر الدين والعقيدة الحقة. وخاصة الثورة الحسينية الناهضة والباعثة والمحركة الى القوة والتغيير بشكل. مستحدث ومعبر. اكثر كماً ونوعاً لان أعداء الدين والإنسانية في المقابل يتآمرون ويخططون ويتفننون في أسلحتهم وأساليبهم بدقة متناهيه للقضاء على العقيدة واخص الثورة الحسينية وهم كما نرى لهم شباكهم. وشرائكهم. ومواقعهم وجنود وتحشيد مستهدفين كل شرائح المجتمع المحمدي بكل أنواعه نسال الله النجاة من الفتن والحفاظ على الدين والأخلاق الى مافيه الصلاح والخير لهذا الكائن الإنسان فهو ( الحسين عليه السلام ) بقيامهِ
عطاء معنوي وروحي. كأنه سيل. يهز الإنسانية ويوقظها. من الغفلة والركود والاستسلام فان العقيدة كالشجرة نهتم ونحافظ عليها ولو بدمائنا وارواحنا فهي غاية
تقودنا الى أسمى الغايات وهي تحقيق دولة العدل الإلهي بالانتظار الواعي وبسلاح العلم والمعرفة ونسال الله ان نكون وجميع المؤمنين أهلاً لذلك وصل الله على رسولنا محمدا واله الطيبين الطاهرين.

بقلم/ام مصطفى الكعبي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات