عبق الوطن

جلس أحمد بجانب زوجته مريم يتابعون نشرة الأخبار.. وبعد نقاش محتد ومؤلم عن الأنتفاضة و الثوار، و بين مُؤيد ومُعارض ، وبغض النظر سواء كان الرفض او التأييد للراي او لأسلوب الطرح المهم حاول الاثنان تهدئة حدة النقاش حتى لايحصل في البيت ساحة إعتصام وإضراب مصغّرة..
قال :عزيزتي لاتغضبي انا ايضاً حريص على وطني بقدر حرصك وممتعض من وجود الخونة والفاسدين  ولعله.. اكثر منكِ ولكن رؤيتي مختلفة عن رؤيتكِ …
فقط أنظري لهذه البناية كم كانت أنيقة ومَعلَم حضاري دال على فخامة الذوق وبراعة التنفيذ ..وكم كلفت الدولة الشئ الكثير …
تعالي..
شاهدي ماذا فعل أؤلئك المعتصمون أخشى إن قلت شغباً اثير غضبك..
أيرضيك هذا !!؟؟
لقد أحرقوا عدة إطارات وأتلفوا الشارع ،كم كان جميلاً بعد أن تم اكساؤه حديثا …
فرمقته مريم بنظرة سبقتها عبرة مخنوقة..لكنها بلعت تلك الدموع حتى كادت تخنقها وقالت حَسبُك حَسبُك إغتماماً و تفجعاً  لخسارة تلك الهياكل و المواد الفانية ليتك حَزِنتَ لروحٍ يتيمة تشردت وقلوب مُحبة فَتِية تفجعت وعيون سيكسرها العوز وتستغلها دناءة نفوس مريضة لقلة المعين ..
أ لم تفكر لحظة واحدة بتلك الارواح الطاهرة والدماء الزكية التي سُفكت من كلا الجانبين المتناحرين  !!؟؟ ..لقد أُبيحت وفُقدت تلك النفوس التي لم ولن تُعوَض.. بخسارتنا إياها قد خسرنا فكراً وعقلاً وطاقةً بشرية خلقها الله بيده.. ونفخ فيها من روحه.. وسخّر الأكوان لخدمتها لأنها هي التي بنت.. وشيّدت .. وكست ..وصبغت ..
وعمّرت..لم يرف لك جفن لتلك الأم التي كُسرِت.. لقد أنجبت وربّت وأرضَعت وسهرت ومنحت للوطن قرابين تلو القرابين وحَلُمت ان تراهم عائدين يعلوهم زهو النصر وتاج الحرية عوضاً لما فقدته بالحرب الاولى او الثانية او الثالثة والرابعة…. لكنهم لم يعودوا بل اعادوهم محمولين على أكف وأكتاف الشرفاء إما فاقدين لرؤوسهم او  هُشُمَت صدورهم بتمويل من الذين لادين لهم فيردعهم ولاوجدان فيمنعهم ..هؤلاء الشباب وتلك القلوب الفتية ..كم أحبت وحلمت وخططت لزفاف او لقاء خلسة عن عيون الناس لكنهم غاب عنهم إنهم قد أحدقت بهم عيون المنية ..
واااأسفاه … عليك ياعراق  !!! ماذا فعل بك المبطلون .. المُحتلون …
هوني عليك عزيزتي لاتبكِ، أنا لم أقصد الأنتقاص من قدسيّة تلك الأنتفاضة ضد الظلم والفساد.. ولا هانت عليّ خسارة تلك الشبيبة الرائعة.. المثال المفروض يُحتَذى به ..لكن مايؤلمني إنها عفوية بلا تنظيم وقيادة لمنع من يحاول تشويه تلك اللوحة الرائعة التي رسموها بالقلوب قبل الجدران قد يكون السبب الحشود المليونية التي يصعب السيطرة عليهم فكل الشعب اتفق على شئ واحد وضد عدو واحد وهو الفساد ..
وقد يكون سبب تألمي ان هذا التخريب قد يُرجعنا للخلف اعواماً ..واعواماً والأحرى بنا التقدم وإختزال الوقت كي ترجع لوطننا هيبته وحضارته ونسبق أمماً كانت تتمنى ان تواكبنا والآن تقدموا وتأخرنا عنهم بكثير ..
هيا عزيزتي لقد اشتقت لصلواتك التي كنت تترنمين بها سابقاً “ابانا في السموات “. وأمسك يدها بحنان ودفئ  ..
قالت بعد  ان كفكفت دموعها الآن سأقول اللهم عجّل لوليك الفرج والعافية والنصر وإجعلنا من خدامه مع يسوع الحبيب وارزقنا شهادة وسعادة تحت رايتهما …واحفظ العراق واهله وانصره يارب نصراً عزيزاً عاجلاً غير آجل …

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات