قصةحقيقية 💢 كورونا و الرجوع إلى الله

 

 

بعد أن أضمحلت الصور أمامي، ومن على سرير الألم، و بعد أن سرق فايروس كورونا مني أجمل النِعم، أنقل لكم حكايتي من بين أربعة جدران قاسية، وروح متعلقة بالخارج، كتب فايروس كورونا عليها إنها الأيام الأخيرة، ولكن في داخلي صوت يتعالى ليردد ” مَن كان مع الله كان الله معه”
هذا أول الغيث … وأنا المؤمنة الصابرة …
فلقد كنت دؤوبة في مساعدة الفقراء، و باجتياح ذلك الفايروس الذي زادني قوة ورغبة في الإستمرار بعملي هذا الذي وصفته لكم، فصرت معروفة عند الكثير بمساعدتي.
وذات يوم رن جوالي، وكعادتي أجيب، وإذا بها مكالمة من عائلة متعففة، يعلمونني بعدم وجود ما يأكلونه من طعام، وما هي إلّا ساعة ورن جوالي مرة أخرى، وإذا بي أسمع صوت طفل يتيم، يبلغني إن والدته مريضة …
عندها يعتريني الحزن، وتعلو همتي بمساعدته، حيث لايملكون ما يكفي من المال لشراء الدواء، وأنا أسمع تلك الأصوات التي تحادثني، فترتسم في مخيلتي صورة لأحوالهم المحزنة، وتتبعثر تفاصيلهم أمامي … فلا يمكنني التغافل، ولم اتعود عليه، فوجدت نفسي رغم خطورة الوضع، بعد تفشي الوباء، اشجّع زوجي وولدي على معاونتي في تقديم المساعدة، لم أبال بالخطر الذي قد يصيبني، أو احد افراد عائلتي بخلاياه.
وكالعادة تجاوبوا معي، وزاد فرحي عندما وجدتهم مثلي، لا يبالون بالخطر، وجاء القرار بأن نذهب أنا وولدي البكر (سلام)، بسيارة محمّلة بسلات غذائية، وبعض الأدوية لتلبية المناشدة، وإجابة ذلك اليتيم، الذي أشعل صوته في قلبي ناراً، أحسست إنها ستحرقني إن لم إساعده، وانطلاقاً من ( أن المحسن إلى الأيتام حي وإن نُقل إلى منازل الأموات)، ذهبت الى المكان الذي يسكنه الفقراء.
ولله الحمد تم الوصول إليهم، وتسليمهم الدواء مع سلة غذائية، وإذا بالفرحة والبسمة ترتسم على شفاه الأيتام.
وشرعوا يتضرعون إلى الله بالدعاء لنا
للعودة سالمين،
لقد كان همي في الحياة مُنصباً على طاعة الله، وخدمة عيال الله،
وما هي إلّا ثلاثة أيام، و بدأت أشعر بأعراض مرضيّة، كإرتفاع درجة الحرارة مع سعال جاف وفقدان حاسة الشم والذوق،
وبدأت تنتابني حالة من القلق، حواس ناقصة!
فما كان مني ومن عائلتي، إلّا الإتصال بالفرق الطبية الجوالة، ولكن للأسف ما من مجيب! فقررنا الذهاب إلى المشفى، وبعد الفحص كانت النتيجة موجبة،
تلك النتيجة التي حوّلت أنظار زوجي وولدي (سلام) الى نظرة قلق وتوتر، وإذا بالطبيب
يقول: عليكم بالحجر الصحي المنزلي، بسبب عدم وجود مكان في المشفى، وصف لنا بعض الأدوية.
وهنا إنتابني اليأس والخوف، ونسيت كل شيء، ولم تحضرني في تلك الحالة سوى صورة أولادي، فلقد تراءت أمام ناظري، فتذكرت قول الإمام علي عليه السلام: (من كان مع الله كان الله معه ولا خوف عليه).
وفي اليوم التالي وبمساندة زوجي لي قررنا الحجر المنزلي، وعقدت العزم على أن أهزم المرض، ولكن يتعين عليَّ تفويض بعض الأعمال للعائلة، وفعلاً تم ما عقدت العزم عليه.
وبدأ الحجر المنزلي، وزوجي هو من يدخل إلى غرفتي فقط، من أجل الاطمئنان، رغم إصرار ابني الصغير (محمد)، الذي تعوّد على عدم مفارقة أحضاني وتقبيلي دائماً، للدخول إلى الغرفة، فكان يجابه بالمنع وإذا به…
يقول: أمي فقط قبلة واحدة لا غير.
فقلت له: محمد انا مريضة واخاف عليك
فقال: أريد وعداً منكِ ( اذا شُفيتِ أُشبعكِ قبلات )،
فانفجرت بالبكاء.
وطوال فترة الحجر كنت ألوذ بقراءة القرآن و زيارة الحسين، ودائما أردد، انا قوية انا قوية.

وبعد مرور قرابة خمسة وعشرين يوماً، ما أثقلها وأمّرها، خصوصاً مع حدوث بعض المضاعفات، ولكن غلبت المرض وصرعته، ولله الحمد تشافيت وأنا اليوم اتمتع بصحة جيدة.

ومن هنا قررت أن اكتب ما مر بي، لكي ينتبه الآخرون ولا يستهينوا بالوباء، الذي قد يسرقهم من عوائلهم فجأة، وذلك من خلال الوقاية منه، وفي حال إصابتهم عليهم بالرجوع إلى الله والتوكل عليه، في كل الأمور، فهو الملاذ الوحيد لنا، بعد عقد العزم على العودة الصادقة.
أيها الألم لن تتغلب علينا…
ونسأل الله السلامة للجميع.

✍بقلم : نادية الوائلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات