(التبليغ في مدرسة الإمام الصادق عليه السلام )

لو اردنا معرفة حركة التبليغ للإمام الصادق(عليه السلام)، لوجدنا ثلاث دوائر، عمل عليها في تصحيح المنهج، وتقوية العقيدة، والمعرفة بكل  صنوفها ؛
الدائرة الأولى: الشيعة والموالون.
والثانية: المسلمين.
والثالثة: الإنسانية جمعاء.
فهو حفيد منقذ البشرية، من الظلالة وحيرة  الجهل والجاهلية، رسول الرحمة للعالمين( صلى الله عليه واله وسلم)، وحفيد امير المؤمنين ( عليه السلام)، الذي قال: ” واعلم ان الناس لكَ صنفان اما اخ لكَ في الدين او نظير لكَ في الخلق”.
اما  الشيعة الخلص والموالون، فقد رفدهم  الامام  (عليه السلام)، علميا، وفكرياً، واجتماعياً، واقتصاديا، فكانوا من أفذاذ الإسلام، وعَلماً من أعلام الدين والمذهب، ومنهم كبار الفقهاء والعلماء، فضلاً وتقوى، فمنهم من اختص بالفقه والكلام، والأدب والكيمياء،  وابرزهم زرارة،
كان ضليعاً في الفقه،  إذ لا يخلو باب من أبواب الفقه من حديث لزرارة، وهناك أكثر من ألفي حديث في الكتب الشيعية المهمّة، وردت عن طريق زرارة.
قال الإمام الصادق (عليه السلام) قال: “ما أحيا ذكرنا، وأحاديث أبي عبد الله عليه السلام، إلاَّ زرارة، وأبو بصير ليث المرادي، ومحمَّد بن مسلم، وبريد بن معاوية العجلي، ولولا هؤلاء ما كان أحدٌ يستنبط هذا، هؤلاء حُفَّاظ الدين، وأُمناء أبي عليه السلام، على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا، والسابقون إلينا في الآخرة” .
ورواية أخرى قال الإمام الصادق عليه السلام: “إنّ أصحاب أبي، كانوا زيناً، أحياءً وأمواتاً، أعني: زرارة، ومحمّد بن مسلم، وليث المرادي، وبريد العجلي، هؤلاء القوّامون بالقسط، وهؤلاء السابقون السابقون، أُولئك المقرّبون” .
وأيضا قال الإمام الصادق (عليه السلام):
“بشّر المخبتين بالجنّة: بريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمّد بن مسلم، وزرارة بن أعين، أربعة نجباء، أمناء الله على حلاله وحرامه، ولولا هؤلاء لانقطعت آثار النبوّة واندرست” .
ومن نماذج دائرة المسلمين، التي عمل عليها الإمام(عليه السلام)، ما روي عن إبن حَیُّون المغربي‏ عَنْ جَعْفَرِ  بْنِ مُحَمَّدٍ صلوات الله عليه‏، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَ قَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ‏ :
“يَا نُعْمَانُ مَا الَّذِي تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، فِيمَا لَمْ تَجِدْ فِيهِ نَصّاً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَ لَا خَبَراً عَنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه و آله” ؟
قَالَ: أَقِيسُهُ عَلَى مَا وَجَدْتُ مِنْ ذَلِكَ .
قَالَ لَهُ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ فَأَخْطَأَ، إِذْ
أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالسُّجُودِ لآِدَمَ عليه السلام،
فَقَالَ : ﴿ … أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ
مِنْ طِينٍ ﴾ الأعراف ١٢ .
فَرَأَى أَنَّ النَّارَ أَشْرَفُ عُنْصُراً مِنَ الطِّينِ، فَخَلَّدَهُ
ذَلِكَ فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ، “لهذا قال أبي حنيفة النعمان في حق الإمام الصادق (ع): ( لولا السنتان لهلك النعمان )، وكلمة مالك بن أنس -من  اعلم المسلمين في عالمه-  ماذا كان يقول عن الإمام الصادق (ع): “ما رأت عينٌ، ولا سمعت أُذُنٌ، ولا خطر على قلب بشر، أفضل من جعفر بن محمد الصادق، فضلا وعلما وعبادة وورعا”.
ومن نماذج الدائرة الثالثة(الأنسانية)رواية الديصاني، دخل أبو شاكر الديصاني – وهو زنديق – على الصادق (عليه السلام) فقال له: يا جعفر بن محمد !.. دلّني على معبودي، فقال الصادق (عليه السلام): اجلس – فإذا غلامٌ صغيرٌ في كفّه بيضة يلعب بها – فقال الصادق (ع): ناولني يا غلام البيضة !.. فناوله إياها .
فقال الصادق (عليه السلام): يا ديصاني، هذا حصنٌ مكنونٌ له جلدٌ غليظٌ، وتحت الجلد
الغليظ جلدٌ رقيقٌ، وتحت الجلد الرقيق، ذهبةٌ
مائعةٌ وفضةٌ ذائبةٌ، فلا الذهبة المائعة تختلط
بالفضة الذائبة، ولا الفضة الذائبة تختلط
بالذهبة المائعة، فهي على حالها لم يخرج
منها خارجٌ مصلحٌ، فيخبر عن إصلاحها، ولم
يدخل فيها داخلٌ مفسدٌ، فيخبر عن إفسادها،
لا يدرى للذكر خلقت أم للأنثى، تنفلق عن مثل
ألوان الطواويس، أترى لها مدبرا ؟
فأطرق مليّا، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، وأنك إمام وحجّة من الله على خلقه، وأنا تائب مما كنت فيه”.
 فالسلام عليك يا سليل النبوة ومعدن العلم واصول المعارف.

بقلم : ام مصطفى الكعبي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات