مسؤولية المنتظِر في عصر الغيبة

بعد وفاة السفير الرابع من سفراء الامام المهدي (عليه السلام)بدأت الغيبة الكبرى للامام ومازالت مستمرة الى أن يأذن الله تعالى لصاحب الامر (عليه السلام)بالظهور واقامة حكومة العدل الالهي ،ونحن نعيش الآن عصر الغيبة ونعلم بأن الامام (عليه السلام) يقوم بمهامه التي وكلت اليه على خير وجه رغم غيابه عن الساحة ،وفي المقابل فأن الانسان المؤمن المنتظِر لامام زمانه، عليه القيام ببعض المسؤوليات والواجبات،بحسب قدراته وإمكانياته؛ لتحقيق الوعد الالهي .
أولى هذه المسؤوليات التي تقع على عاتق المؤمن المنتظِر هو تعميق الايمان بالامام صاحب العصر والزمان ،بأن يؤمن إيمانا راسخا بالامام المنتظَر ،إماما معصوما ،وقائدا فعليا لمسيرة الاصلاح وإقامة الحكم الالهي في جميع انحاء المعمورة .
عن الامام الصادق (عليه السلام):قال النبي (صلى الله عليه واله):(من أنكر القائم من ولدي في زمان غيبته ،مات ميتة جاهلية)*١

اما المسؤولية الاخرى فتتضح لنا من خلال قول الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله):(من مات ولم يعرف إمام زمانه ،مات ميتة جاهلية)…معرفة الامام المعصوم هي أساس لمعرفة الله عزوجل ،عن الصادق (عليه السلام):(انما يعرف الله عزوجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منا أهل البيت، ومن لايعرف الله عزوجل ولا يعرف الامام منا أهل البيت ،فأنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالا)٢.ولاتكفي المعرفة السطحية للأمام ،فقد يعرف المسلم اسم الامام أو نسبه ،ولكن هذا لايكفي ،بل لابد ان تكون معرفة على نحو آخر ومنحى آخر يوضحه لنا الامام الصادق (عليه السلام ):(…وأدنى معرفة الامام انه عدل النبي إلا درجة النبوة ووارثه،وان طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله ،والتسليم له في كل أمر ،والرد اليه ،والاخذ بقوله ،ويعلم أن الامام بعد رسول الله صلى الله عليه واله علي بن ابي طالب ،وبعده الحسن ،ثم الحسين ،ثم…. وبعد علي الحسن ابنه ،والحجة من ولد الحسن…)٣.

من المسؤوليات الاخرى أن نعيش حالة الالتحام والارتباط النفسي والقلبي مع صاحب العصر ،أن يكون الامام (عليه السلام)حاضرا دائما في وجداننا ومشاعرنا ،ان نحس برقابته لنا ولاعمالنا ،فهو (عليه السلام)يرانا ،وان كنا لانراه،ويتألم عندما يرى ابناء الأمة وهم يمارسون الانحرافات والمخالفات الشرعية ،لذا لابد للانسان الواعي والموالي ان يستشعر هذه الرقابة ،ويتجنب كل عمل يؤذي الامام المعصوم …ومن وسائل تعميق هذا الارتباط بالامام سلام الله عليه هي المواظبة على الدعاء له صباحا ومساء ،وقد ذكر لنا الائمة عليهم السلام بعض الادعية التي تشد المؤمنين وتربطهم روحيا بأمامهم المنتظَر ،كدعاء العهد ودعاء الندبة …عن الصادق (عليه السلام):(من قرأ دعاء العهد أربعين صباحا كان من أنصار القائم ،فأن مات بعثه الله من قبره ويعطى بكل كلمة الف حسنة وتمحى عنه الف سيئة)،طبعا ليس المراد هنا مجرد القراءة الفارغة والسطحية ،بل التدبر في كلمات الدعاء ومحتوياته الفكرية والعقائدية ،كما انها لاتقتصر على هذا العدد حصرا ،بل تكرار الدعاء بحيث يعتاد عليه ولا يتركه.
وعن يونس بن عبد الرحمن قال :ان الامام الرضا (عليه السلام)كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمربهذا الدعاء:(اللهم ارفع عن وليك وخليفتك وحجتك على خلقك ولسانك المعبر…)،كما لاننسى بأن الامام (عليه السلام)هو ايضا يدعو لنا ويشملنا ببركة دعائه .

ومن واجب المؤمن المنتظِر هو الدفاع عن قضية الامام المنتظَر،أن يتصدى لكل محاولات التشويش على قضيته المقدسة وعلى كل من يحاول التشكيك فيها فكريا وعقائديا ،وذلك من خلال الكتابة ،الخطابة ،الحوار والمنبر وبشتى الوسائل ،و أن لا يتأثر بهؤلاء المنحرفين الذين يشككون في هذه القضية ،وأن يثبت على ولاية اهل البيت عليهم السلام ،مهما عصفت الريح وكثرت موجات التشكيك،عن أمير المؤمنين (عليه السلام ):(للقائم منا غيبة أمدها طويل ،كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته،يطلبون المرعى،فلا يجدونه،ألا فمن ثبت منهم على دينه ولم يقسُ قلبه،لطول أمد غيبته فهو معي في درجتي يوم القيامة )*٤

كما يذكر لنا الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله) مسؤولية اخرى الا وهي انتظار الفرج ،فيقول :(افضل اعمال امتي انتظار الفرج )،والمقصود بالانتظار هنا هو الانتظار الايجابي ،الذي يريده أهل البيت منا ،:أن نهيء أنفسنا لقدوم الامام (عليه السلام)،وان نتوقع ظهوره في أي وقت ،فنجهز انفسنا لنصرته والجهاد بين يديه ،،كذلك اصلاح المنتظِر لنفسه ، من خلال التخلي عن كل رذيلة ،والتحلي بكل فضيلة،ليكون مصداقا حقيقيا (للمنتظِر).
ولا ننسى اننا في عصر الغيبة نعيش حالة الحزن والأسى لفقدنا لطفا الهيا كبيرا ،الاوهو وجود الامام المعصوم بيننا ،وصعوبة الانتفاع بشخصه الكريم،…(عزيز علي أن ارى الخلق ولا تُرى ولا أسمع لك حسيسا ولانجوى…)
سيدي يا بن الزهراء …مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا ،أن الله يجزي المتصدقين…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات