♦️جراحٌ ضِمادُها فتوى

 

ها هي ذكرى فتوى الجهاد تعود، لتحيي فينا ماضٍ ليس ببعيد، فلم تكن فتوى بقدر ما كانت ضِماداً من يد جرّاحٍ ماهر، قد أتوا له بجسد وطنٍ في آخر أنفاسه، الكلّ اتفق على أنّه لا أمل في نجاته، دعوه ليعيش أيامه الأخيرة وهو يصارع الألم، لا مفر، عليه أن يتحمّل تلك الآلام، فهو الذي صفّق، وهلّل، وبارك، حتى أُثخن بالجراح من أعدائه، فوقع تحت رحمة مَن لا يملك رحمة، ولذا عليه أن يتحمل، فما هي إلّا أيّام وينتهي كلّ شيء.
هو الوحيد الذي كان ينظر بتأنٍ نظرة طبيب حاذق.
في أوّل الأمر كان يعطيه الدواء، لعلّه عندما يزول عنه الألم لفترة يستعيد عافيته، لكن للأسف ما يلبث أن يزول الألم حتى يأتيه مَن يضع الملح على جراحاته لتعود الآلام فتنتكس حالته.
فيقول الجميع: لا أمل، استأصلوا العراق من الخارطة.
وبعد أن طال الأمر وهو على هذه الحال، والجراح تثخنه، ونزيف الدم كاد أن يغرق الجميع، فالدم يتدفق كالميزاب، دمٌ فيه رائحة التعصب والتطرف والحقد، راح ضحيته شبابٌ بعمر الزهور، ونساء قد أُنتزعت عنها العفة والشرف غصبًا، واصبحنَ جوارٍ بعد العز، وصغارٌ يُقتل آباؤهم أمام أعينهم، فيودّعون براءة الطفولة.
الكل كان آيسًا، إلّا هو، كان يزرع الأمل في ذلك الوطن، قم واجه التعصب، فانتم إخوة في بلد واحد، والوطن للجميع، تعايشوا، تسالموا، قوموا للبناء، لا تدعوا المفسدين والطامعين يدمرونكم، لكن هناك مَن لا زال يضع الملح على الجراح، فتعلوا الصرخات؛ صرخاتٌ يهتز لها جبين الإنسانية، لأن الذي يضع الملح قد تم إفراغ قلبه من الرحمة، وكثيرٌ منهم قد لبس لباس الدين ليغتاله بدون أن يعلم، وآخر لبس لباس العلمانية والحزبية يموّل بالخفاء، فما كان من ذلك الطبيب إلّا أن يعالج الأمر جراحيًا، فكانت فتواه بالجهاد الكفائي، لم يتوقع الجميع منه هذا التدخل، فبعد أن عُرف بصبره، وعدم تدخله في كثير من الأمور التي يعلم أنها شراك من المنافقين، فلقد كان حاذقًا بعدم تدخله، لكن الضرورة حتّمت عليه التدخل، فالوطن على شفا حفرة.
جاء الإعلان عن الفتوى التي كانت كمقص بيد جرّاح، فقص رؤوس النفاق، وضمّد تلك الجراح، وحوله من يساعده، والمفاجأة في تهافت الشباب امتثالًا لفتوى طبيبهم، لم يعلم المنافقون بأنّ للطبيب أتباعاً حقيقيين، فكانوا كضِمادٍ لتلك الجراح بيد طبيبهم.
هكذا هي الفتوى وهكذا هو الفقيه..
وهذه حقيقة التقليد التي عاد البعض ليعزف على وتر بطلانها.
فلولا الفتوى والتقليد لكان الوطن في خبر كان، رغمًا على أباطيلكم.
الوطن سالم بوجود طبيبه وفتواه.
والآن، أيّها الوطن، التزم بأوامر الطبيب، ودَعْكَ ممن يدّعي الطبابة وهو لا يفقه من الطب شيئاً..

✍ بقلم /وجدان الشوهاني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات