غروبٌ حزينٌ ووحدةٌ موحِشةٌ في العاشرِ من شهْرِ رمضان

غروبٌ حزينٌ ووحدةٌ موحِشةٌ في العاشرِ من شهْرِ رمضان.

لقد كانت السيدة الجليلة خديجة بنت خويلد (عليها السلام) نجماً ساطعاً يشعّ بنوره على بيت النبوة والرسالة، تجلي بنظراتها الحانية الهمّ والشجن عن نبي الرحمة صلى الله عليه وآله، حتى حان موعدها مع القدر في العاشر من رمضان في السنة العاشرة من البعثة عندما أسلمت الروح لبارئها وألقت برحيلها المفجع ظلالاً من الكروب والأحزان على قلب النبي، ودفنت حيث دخل النبي صلى الله عليه وآله قبرها ووضعها في لحدها بيديه الشريفتين، في ذلك الوقت لم تكن صلاة الميّت قد شرّعت بعد، وكانت وفاتها بعد وفاة أبي طالب، حيث كان وقع ذلك شديداً على النبي الكريم الذي فقد نصيرين له، وقد سمّي ذلك العام بعام الحزن، وأعلن الحداد فيه.

ما فتئ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله يقول: لم يسيطر عليّ الحزن والهمّ طيلة حياة أبي طالب وخديجة لقد ظلّت ذكرى خديجة والسنوات المشتركة خالدة وماثلة في ذاكرة النبي لم يمحها الزمان. لم يكن يخرج من البيت إلا ويذكر خديجة بخير.

وببالغ الحزن والأسى نقف على أعتاب العاشر من رمضان نجدد ذكرى وفاة أول أمرأة في الإسلام، المرأة التي آمنت برسول الله وصلت خلفه وبذلت جميع أموالها في سبيل الله حتى قيل أنه ما استقام الإسلام إلا بأموالها وسيف الإمام علي (عليه السلام).

كانت نبع للحنان، والعطف حتى سميت ينبوع الكوثر .

لها مكانة عظيمة لدرجة أن أمين الوحي جبريل جاء للرسول قائلاً: «حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومنّي السلام»، وعندما أبلغ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله زوجه خديجة عليها السلام سلامَ الله تعالى، قالت: إنّ الله هو السلام، منه السلام وإليه السلام.
أحبّت رسول الله (صلى الله عليه وآله)
حتى هامت عليها السلام على وجهها في الوديان والصحاري المحيطة بحثاً عن حبيبها، و الدموع تنهمر على خديها، فما كان من جبريل إلا أن نزل على الرسول الأكرم وقال له: لقد ضجّت ملائكة السماء لبكاء خديجة عليها السلام، أُدعُها إليك وأبلغها سلامي وقل لها بأنّ ربّها يقرؤها السلام ويبشّرها بقصر في الجنة، لا صخب فيه ولا نصب.

كان رسول الله صلى الله عليه وآله يبادلها الحب حتى قال :في حقّها

( أحببتها من أعماق فؤادي).

وقال:(أحبّ من يحبّ خديجة)

وكيف لايكون لها ذلك الحب ّ من الحبيب الأحمد والمصطفى الأمجد .

وهي صاحبة النسب الكريم، والشرف الرفيع،و التي تربّعت على قمة الشرف والمجد.

سيّدة نساء الجنة، حكيمة قريش، من قبيلة أسد، عظيمة القدر، ذات دين ومروءة وعزّة، من نساء الجنة وإحدى النساء اللائي تربّعن على قمة الكمال.
ولكن للأسف الشديد فقلم التأريخ الذي كان ألعوبة بيد المتملّقين يخطّونه خدمة لأغراضهم الإستبدادية حيث استبيحت الكثير من الحقائق وزوّرت الكثير غيرها حتى اشتبه الأمر وأصبحت الأكاذيب كأنّها وقائع تاريخية، وبلغت حدّاً من السوء بحيث إذا ما أماط الباحث اللثام عن الوقائع بالاستناد إلى الحقائق العلمية، أثار عمله دهشة الجميع واستغرابهم.
كانت تسمى جميلة الحجاز لما كان لها من آثار الجمال والتألق .
حتى أن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام الذي كان آية في الجمال كان يعتبر نفسه أشبه أهل البيت بأمّه خديجة الكبرى عليها السلام.

كانت السيّدة خديجة عليها السلام حنيفة مسلمة ولم تكن من المشركين بل كانت على دين أبيها إبراهيم عليه السلام وذلك قبل أن يُبعث الرسول الكريم صلى الله عليه وآله، وكانوا يُعرفون بالحنفاء،

وعندما رجع الرسول الكريم صلى الله عليه وآله من غار حراء وهو ينوء بثقل الرسالة العظيمة، كانت السيّدة خديجة عليها السلام في استقباله حيث قالت له: أيّ نور أرى في جبينك؟ فأجابها: إنّه نور النبوّة، ومن ثمّ شرح لها أركان الإسلام، فقالت له: «آمنت وصدّقت ورضيت وسلّمت»

وكانت أوّل مؤمنة بالولاية

حيث قالت بصراحة ووضوح: آمنت بولاية علي، وبايعته.

لقد كانت سلام الله عليها كوثر النبوة الصافي .

ولكن للأسف الشديد فلقد ظلمها قلم التأريخ الذي كان ألعوبة بيد المتملّقين يخطّونه خدمة لأغراضهم الإستبدادية ، حيث استبيحت الكثير من الحقائق وزوّرت الكثير حتى اشتبه الأمر وأصبحت الأكاذيب كأنّها وقائع تاريخية، وبلغت حدّاً منالسوء بحيث إذا ما أماط الباحث اللثام عن الوقائع بالاستناد إلى الحقائق العلمية، أثار عمله دهشة الجميع واستغرابهم.

آزرت الرسول وهو ينوء بثقل الرسالة العظيمة، حيث كانت السيّدة عليها السلام في استقباله حيث قالت له: أيّ نور أرى في جبينك؟ فأجابها: إنّه نور النبوّة، ومن ثمّ شرح لها أركان الإسلام، فقالت له: «آمنت وصدّقت ورضيت وسلّمت»بشّرها زوجها الحاني والعطوف بأنها سيكون لها بيتاً في الجنة.

صاحبة الجمال والكمال والشرف الرفيع والعلم والحلم، ورأي سديد، وعقل راجح وفكر صائب، تسابق الرجال إلى خطبتها والزواج بها، حيث سارع رؤوس بني هاشم وأقطابها، لا بل وصل الأمر إلى ملوك اليمن وأشراف الطائف، الذين سعوا للفوز بقلبها، والتربّع على قمّة الشرف والمجد، لكنّها خذلتهم جميعاً، ووقع اختيارها على أمين قريش ومؤتمنها لكي يفوز بقلبها.
حيث قالت له:
«يا بن عمّ إنّي رغبت فيك لقرابتك منّي وشرفك من قومك وأمانتك عندهم وصدق حديثك وحسن خلقك»

يكفي في رجاحة رأيها وصلابة فكرها ما رواه المؤرّخون من أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان يشاورها في جميع أموره.

كان صلى الله عليه وآله يجابه عناد ورفض أهل قريش وإصرارهم على باطلهم، فيعتصر قلبه الشريف ألماً وحزناً، في تلك اللحظات العصيبة كان يلجأ إلى بيت العطف والرسالة فيشكو بثّه ومعاناته إلى زوجه وشريكة همّه السيّدة خديجة عليها السلام، فكانت تواسيه وتشدّ من أزره بكلماتها الحكيمة ونظرات العطف والحنان، فتسكن من آلامه وأحزانه.

في مراحل الشدّة والمشقة كان لها عليها السلام الدور الكبير والحاسم في التخفيف من آثار الحصار الجائر الذي فرض على آل أبي طالب، فكانت هذه السيدة الجليلة تشيع الأمل والفرح في قلوب القوم وترفع الحزن والشقاء عن كاهلهم. وعلى الرغم من أنّ الله تعالى كان سنداً وظهيراً لنبيه الكريم ولم يقطع عنه حبل كرمه ولطفه طيلة تلك الفترة العصيبة، إلاّ أنّ وجه السيّدة خديجة عليها السلام المضيء والمشرق، ونظراتها المتفائلة كانت تجعله أكثر إصراراً وعزماً على مواجهة قدره والاستعداد لأيّام أصعب وأقسى.لقد كانت هذه السيّدة الكريمة إلى جانب شريك حياتها في جميع الأحداث المريرة والمسرّة، تتقاسم معه حلوها ومرّها، وكانت دوماً تحرص على سلامته فتبعث غلمانها ليطمئنوها عليه ويتفقّدوا أحواله، وفي بعض الأحيان تفعل ذلك بنفسها، فقد رافقته مراراً إلى غار حراء.وكانت تصعد إلى جبل النور قاطعة مسالكه الوعرة وحاملة صرّة طعام تريد إيصالها إلى النبي الكريم صلى الله عليه وآله في غار حراء، فينهكها التعب، حتى تقع عيناها على زوجها المشفق، فينزل الوحي ليشكر لها جهودها المخلصة.

كان أبو لهب وزوجته يجمعان الأشواك من الصحاري والقفار ليضعاها في طريق الرسول الكريم صلى الله عليه وآله، وكانت السيّدة خديجة عليها السلام تبعث بغلمانها ليرفعوا تلك الأشواك عن طريقه.

لقد حاصرت قريش النبي وآل بيته في شعب أبي طالب فمنعت عنهم الطعام والشراب والبيع والشراء، وكاد القوم أن يهلكوا لولا أنّ السيّدة خديجة عليها السلام سارعت بأموالها لنجدتهم، حيث كانت تهيّئ الطعام من السوق بأضعاف قيمته وترسله إليهم عن طريق ابن أخيها حكيم بن حزام ليسدّوا رمقهم به.

كانت السيّدة خديجة عليها السلام في الرمق الأخير من عمرها تنظر بقلق إلى ابنتها الزهراء عليها السلام، فما كان من أسماء بنت عميس إلا أن تعهّدت لها بأن تكون أمّاً لها ليلة زفافها.
وهكذا فارقت روحها الطاهرة الدنيا وعادت الى ربِّها راضيةً مرضيةً.
كانت لها قبة مضيئة في المدينة ،ولكن للأسف الشديد لم تترك الفرقة الضالة قبة الوحي فلقد أطالتها أياديهم الوقحة بالتخريب والتدمير كما هو شأن باقي الآثار الإسلامية، وسوّتها بالأرض.
ونحن على أمل أن يأتي ذلك اليوم الذي يظهر فيه المنجي الموعود ليسترجع ما ضاع من حقوق آل النبي، وأن يعيد شأن العترة الطاهرة أمام أعين العالمين قاطبة، إن شاء الله.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وأسألكم الدعاء .

#مجع مبلغات فرع القرنة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات