★رجل في مملكة الحب ★

خديجة بنت خويلد كانت سيدة نساء عصرها كمالاً وجمالاً ومكانة وكرامة فهي سليلة دوحة ثابتة الفروع ، وفروع شجرة عميقة الجذور، كانت ثرية في مالها وتفتش عمن تستودعه المال ليتاجر لها على ان يكون صادقا أميناً مخلصا فهي جادة في طلب ضالتها من بين شباب قريش وشيوخها . ومحمد بن عبد الله كان يفتش بدوره ايضا عمن يدفع له مالا يتاجر له به . ويتقدم الى خديجة عارضا عليها استعداده للقيام بهذه المهمة وتقبل خديجة لهذه الشركة ومتفائلة بها خيراً وتدفع لها اموالها وهي واثقة قد سلمتها ليد أمينة حريصة على اداء الامانة ،لقد أثرت عليها شخصية محمد بن عبد الله واستولت على افكارها روحه السامية وتود من صميم قلبها ان تقترن به حياتها الثمينة ، وان تكون له كأروع ماتكون الزوجة الوفية فبعثت اليه تطلب الزواج حبا في شخصه ، وبدافع خفي وجد محمد نفسه يندفع الى خديجة فهو كان يرى في الزواج شركة روحية مقدسة لاتطغى عليها المادة . فالزواج في نظر الرسول الاعظم امتزاج روحين ووحدة هدف وغاية وتعانق قلبين طاهرين ، وفعلا دخلت خديجة في حياة رجلها الخالد كأمرأة رابعة لكنها لم تدخل في حياته وهو محمد بن عبدالله فحسب بل وهو رسول الله وخاتم انبيائة ايضا .
وخديجة هي رابعة امرأة دخلت حياته صلى عليه وسلم ولكن اتراه نسي النساء الثلاث الاتي تقدمنها اتراه قد اهمل ذكرهن او تجاهل وجودهن في حياته الماضية ؟ كلا فما اكثر ما كان يسرح مع افكاره ساعة عزلته ويرجع بها الى الوراء الى ايام حداثته وصباه الآۆلْ في عهد امه آمنة الى مرضعته حليمة الى زوجة عمه الكريمة فاطمة بنت اسد ، ويقف معهن عند كل لمحة حب ، او لفتة عطف ، ويدعو لهن بالرحمة والغفران .
ثم يعود ليستقر عند واقعه الحالي ويركز على خديجة التي يحس بها كقوة خفية ، تشد ظهره ، وتسند كيانه
وتمضي السنون تتلاحق ، والاحداث تتابع ومحمد بن عبدالله وخديجة بنت خويلد يشقان طريقهما معا في الحياة وقد ظللتهما سماء الحب وأحاطتهما يد الاخلاص والوفاء .
كان صلوات الله عليه كثيرا مايعتكف الساعات الطوال في غار حراء يعتزل بها الدنيا بروحه وفكره ، وجسده ويروح يسبح في ملكوت السماوات وكانت خديجة تحمل له بيدها الطعام والماء ولاتذهب الا للاطمئنان عليه . وهكذا بعث النبي الرجل الاول والانسان الآۆلْ ليكون النبي الاول وكانت خديجة من ورائه تساند وتعاضد فما اكثر ما امتحنت واياه ، وما اكثر ما شدد عليها الكفار وتهددت حياتهما بالخطر ، وما اكثر ما رجع اليها الرسول وهو مصاب بجروح ورضوض من قبل الاعداء ولم تكن لتهبها الا قوة وعزيمة وثبات وارادة .
ولهذا ولغيره من المواقف في تاريخ الاسلام احتلت رضوان الله عليها الصدارة في قلب النبي وفي حياته الشريفة .
وقد توفيت رضوان •اللّـہ̣̥ عليها وحزن عليها الرسول ص حزنا عظيما وكانت وفاتها في عام وفاة عمه ابو طالب فقد
سمي بعام الحزن لحزنه على فقدها ڼـعمًـْ توفيت خديجة المرأة الرابعة التي دخلت حياة النبي في احرج ادوارها لم تخرج من حياته ابدا فقد خلفت له اغلى واثمن ذكرى مقدسة وهي الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين
وقد احتلت المنزلة الكبيرة في قلب ابيها ومحلها في دعوته ورسالته وكأنها قد شعرت مع حداثة سنها بأنها مسؤولة عن ان تكون المرأة الخامسة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد واكبت سيره بكل شجاعة واقدام .

أمل الاسدي

مجمع مبلغات الديوانية

تعليق 1
  1. نجوه يقول

    احسنت ست امل الاسدي مقالة رائعه للسيده خديجه عليها السلام وبهذا تقتربي من نور النبي واهل بيته
    حماك الله اختي الفاضله ولماخطته اناملك وتعبيرك الرائع بحق المراه الجليله المضحيه التى ضحت بااموالها في خدمة الاسلام واول من امنت واول من صدقت برسالة نبينا صلى الله عليه واله
    اللهم صل على محمد وال محمد
    اتمنى لك التوفيق والمزيد من الكتابات والمقالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات