كلنا علي بن يقطين

 

حملت فكري مصباحا وتجرأت على الولوج في كهف الامام الكاظم سلام الله عليه، لاستكشاف كنوز جديدة لم تكتشف من قبل. كان كهفا عجيبا ملئه السكينة والطمأنينة. ويال روعة ما وقعت عليه عيناي من نفائس وكنوز تغني الانسانية جمعاء.
وفي خضم انشغالي بتفحص كنوزي الجديدة تناهى الى مسامعي صوت يقول، نحتاج الى مزيد تأمل فيما لدينا من كنوز، فهي لم تنل حقها من البحث والتحقيق!
لم يكن بوسعي تجاهل ذلك النداء، وسرعان ما استرجعت كنوزي القديمة، وحين تأملتها جيدا شعرت وكأني انظر أليها للمرة الاولى!!
الكنز الاول هي قصة علي بن يقطين والتي تحكي عن تابعي مخلص لخط الامامة عمل في حكومة الجور والظلم العباسية تنفيذا لامر امام زمانه، خدمة لأخوانه المؤمنين.
كم مرة استمعنا الى قصة هذا الوزير العظيم؟
هل وجود هكذا شخصية في تاريخ الائمة امرا اعتباطيا؟
هل هو مجرد تأريخ؟!
وهل قصص القرآن الكريم مجرد تأريخ؟
قال تعالى : ( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ۚ وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين)1

إن الفرق مابين سرد المعلومات وسرد القصص، هو ان الاولى يختلف تلقيها من شخص لاخر تبعا لخلفيته الثقافيةو العلمية والاجتماعية، أما القصة فإن سياق الأحداث يفرض مستوى موحدا لتلقي المعلومة. والغاية المبدئية هي أن يضع المتلقي نفسه موضع بطل القصة ثم ينظر مالذي سيفعله!
لو ان كل فرد من اتباع مدرسة اهل البيت حين استماعه لقصة بن يقطين، وضع نفسه محله، على أعتبار أننا نعتقد وفق الفقه الجعفري أن الارض وما عليها هي ملك لامام زماننا وان جميع الحكومات أنما هي حكومات تصريف أعمال، والحاكم الفعلي هو صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وبناءا عليه انا مكلف من قبل الامام وهو قطعا مطلع على أحوالي،
تخيلوا لو فكرنا على هذا النحو
هل ستتعطل مصالح العباد؟ هل سيقصر الموظف في أداء عمله؟ مهما كان منصبه ابتداءا من حارس البناية وانتهاءا بأعلى المناصب.
مرة واحدة حجب علي بن يقطين احد الموالين عن الدخول عليه، فأعرض عنه الامام والقصة معروفة.2
كم مواطنا تم حجبه حتى الان ولم تقض حاجته؟! ذ
كلنا علي بن يقطين شئنا ام ابينا، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

الكنز الثاني هو قصة الجارية الحسناء وهي رمز لمفاتن الدنيا وبهارجها.
أيها الموالي الباكي على ظلامة الامام، الدنيا تعرض علينا كل يوم وبأصناف شتى فكيف هو حالك معها؟!
هل شغلتك عن دينك؟ أم شغلت بدينك عنها؟

الكنز الثالث هو سر قوة الامام وضعف السلطان،
فرغم جبروت السلطة لكن الامام سلام الله عليه، وفي كل مواقفه ورغم وحدته، كان قويا عزيزا فهابه السلطان ،لان” القوة هي في التوكل على الله” 3 كما كان يقول سلام الله عليه.
أيها الزائر المحب من اين تستمد قوتك، ولماذ يكون دينك اهون القرابين عند اول محك.

لا تقرأوا الامام مصيبة ولاتبكوه مظلوما ولا ترتدوا السواد حزنا
بل افهموا وأعقلوا، فالامام موسى بن جعفر لم تغيبه السجون بل غيبه التخاذل
وما أشبه اليوم بالامس.

كان علي بن يقطين يطلب إلى الامام ان يقيله من منصبه فيجيبه الامام بقوله: “لا تفعل، فإنّ لنا بك أُنساً، ولإخوانك بك عزّاً، وعسى أنْ يجبرَ الله بك كسْراً، ويكسر بكَ نائرَةَ المخالفين عن أوليائه. يا علي كفّارة أعمالكم الإحسانُ إلى إخوانكم”4
فتفكروا وتدبروا ولا تمروا مرور الكرام يرحمنا ويرحمكم الله.

1سورة هود اية 120
2قصة علي بن يقطين مع ابراهيم الجمال /بحار الانوار، العلامة المجلسي
3 اربعون حديث للامام الكاظم منتدى الكفيل
4المصدر السابق

 

بقلم / ام حوراء النداف

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات