( خريف العمر)

 

– أنقضت سنوات من ربيع العمر، كان العمر فيها كالشجرة المثمرة بالعطاء رغم السنين العجاف، لا تكسرها الأعاصير، ولا يثنيها الدهر، تحتضن كل من يستظل بها دون كلل او ملل، تحلق الطيور حولها تبني اعشاشها تستشعر الأمان بين اغصانها الندية.
– ترقص الفرشات تستعرض اجنحتها على أوتار اوراقها الجميلة، ينقش المارة على جدران ساقها ذكرياتهم ليخلدوا لحظاتهم السعيدة.
– بعد ذلك كله لابد من ان يأتي الخريف يقتص من اوراقها الخضر، لتهوى على رصيف العمر صفراء ذابلة، قد هرمت من مجابهة الفصول الغابرة لم يبقْ إلا جذورها الراسخة تمدها بالحياة بعد ان أصبحت وحيدة عارية من احبابها الذين كانوا يلتفون حولها لم يعد يرغب بها أحد.
– تلك الشجرة هي الأم الحنون التي أهدت ربيع عمرها تحتضن وتأوي وتطعم وتصغي لاصغر امورنا، نحفر آلآمنا على قلبها فيزداد ذلك القلب اتساعاً لنا، ننقشوا على تعابير وجهها الباسم تجاعيد حياتنا بكل تفاصيلها من فرح او حزن او مرض، خطوط تكشف قسوة الحياة التي تكبدت
عنائهامن اجلنا، لتعيش بعد كل هذا عزلة قاتمة بين جدران تصرخ من همسات قلبها الحانية.
– تخفي بين ممرات وغرف دار المسنين قصص عقوق ابنائها، تنظر بعيون خجولة انهكها الشوق والانتظار، لينتهي يومها وهي تعانق سجادة الصلاة وبين يديها مسبحه وقرآن تتلو منه، قوله تعالى : { ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً} …

بقلم :::  وسن فوزي منصور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات