السيدة ام المؤمنين خديجة السيدة الاولى في الاسلام

من حق المسلمين ان يسالوا لما حازت السيدة خديجه هذا الفخر وهي واحدة من نساء النبي (ص) ونحن نعلم ان الله ورسوله لم يكونا ليفضلا احد نتيجة هوى او مصلحة فلا شك ان هذه المرأة الجليلة قد قامت بما يقربها الى الله ونبيه بنية خالصة
فهي اول الناس اسلاما ومعلوم ان السبق في ذلك هو لصفاء النفس وطهارتها قال تعالى (السابقون السابقون اولئك المقربون في جنات النعيم) فالاسبقية تكشف عن سليقة قويمة وبديهة سليمة واستقامة في النفس تجعلها تقدم على الخير وتفعله ونحن لانعرف احدا من المسلمين ينكر انها اول النساء اسلاما في خطبة القاصعة لامير المؤمنين (ع) (ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وخديجة وانا ثالثهما)
ومن جهة ثانية ان رضا رسول الله الذي هو رضا الله لم يفارق هذه السيدة في حياتها او بعد مماتها فقد روي عن محمد بن اسحاق قال (كانت خديجة اول من امن بالله ورسوله وصدقت بما جاء من الله ووازرته على امره فخفف ذلك عن رسول الله ص وكان لا يسمع شيء من رد عليه او تكذيب له يحزنه ذلك الا فرج ذلك عن رسول الله بها اذا رجع اليها تثبته وتهون عليه امر الناس حتى ماتت رحمها الله) فكانت هذه المراة كالجبال الشامخة امنت به وعملت بما يقتضيه ايمانها بتذليل العقبات وتهوين الخطوب فبلغت من رجاحة عقلها انه بمجرد ان اخبرها رسول الله ان جبريل قد استعلم له قالت (ابشر يا رسول الله فان الله سبحانه وتعالى لا يصنع بك الا خيرا) وهذا يدل على سعة بصيرتها وعلمها المسبق بارهاصات النبوة و ماختزنته من حنفية جدها ابراهيم ع وكما لم يغب عن بالها حديث الابدال من هاشم الى عبد مناف الى عبد المطلب فهم زرع الله في حرمه
فالله اكرم من ان ينكح نبيه مشركة ويستولدها فاطمة ع فيستحيل ان تمر في رحم قد تنجس بانجاس الجاهلية، نرى في الزيارة (اشهد انك كنت نورا في الاصلاب الشامخة والارحام المطهرة) ونرى في زيارة وارث للامام الحسين السلام (اين ابن النبي المصطفى وابن علي المرتضى وابن خديجة الغراء) فالمراد بالغراء الشرف والفضيلة
كانت السيدة ع في علم الله انها ستصبح زوجة لرسوله فبقيت من دون زواج حتى بلغت سن الثمانية والعشرون رغم ان تقاليد المجتمع انذاك كانت تقتضي الزواج المبكر لاسيما اذا كانت امراة عندها ما يميزها من الجمال والنسب والثراء وقوة الشخصية وهو تسال منطقي جدا ولكن شاءت ارادة الله ان تكون اصغر اخوتها قتل ابوها في حرب الفجار او بعدها وكذلك اخوتها ولم يبقى احد منهم له تأثير عليها فاضطرت الى العمل في مجال التجارة لما تتمتع به من نضوج عقلي وكان المجتمع انذاك يسمح للنساء بممارسة التجارة والمضاربة وكان هذا العمل يحتاج الى تفرغ تام لادارته كما ان مميزاتها الفريدة وخلوصها من اوثان الشرك جعلتها تختلف عن بقية النساء اذ كانت ترفض كل من يتقدم اليها من اشراف قريش لأنها كانت تقيس الامور بمقاييس نفسها العالية فهي لم تكن تبحث عن رجل يكدس امواله الى اموالها بل عن حياة زوجية متميزة قوامها التدين والطهر فهي الطاهرة بين النساء وهذا الامر انطبق على رسول الله اذ بقي من غير زواج حتى سن الخامسة والعشرون وهو امر غريب في ذلك المجتمع فكان ايضا يبحث من تكن اهلا بمستوى الاختبار فنراه لم يتردد في قبول عرضها للزواج لانه خبرها وعرف سجاياها وخلقها الرفيع فكانت العناية الالهية حاضرة في هذا الزواج فالذي اصطفاه ليجعله خاتم رسله ليس من المستبعد ان يكون معه بهذا الاختيار
اما الدور المحوري الذي تبنته كان تامين وسائل الراحة والدعم لزوجها فبدلا من ارهاقه بمتطلبات الحياة وتعارض دعوته خوفا على الاستقرار العائلي شجعته وقدمت كل ما تملك من وسائل دعم وهي بذلك خالفت طبيعة المرأة التي من عادتها اذا احبت زوجها خافت عليه واعترضت على ما ينوي القيام به فنرى بالرغم من حبها وخطورة المسلك الذي سار به نجدها ازرته والسبب ايمانها وحبها لله تعالى كان اعظم من اي حب ثم جاء دور التحدي الاكبر وهو اشعار المشركين بوجود دعوى سماوية من خلال اداء اهم جزء من طقوس التبليغ الا وهو الصلاة فكانت اول من صلى مع رسول الله وامير المؤمنين جماعة عند الكعبة وقريش تنظر مذهولة الى هذا المنظر الذي لم تالفه فكانت صورة واضحة وجلية على مدى ايمانها واستعدادها لعمل اي شيء لنصرة دين الله وهذا الامر لا يتناقض مع الدعوة السرية التي استمرت لثلاث سنوات فهي سرية بالنسبة للصحابة الذين كانوا يخافون جبروت كبار قريش ولكن لم تكن كذلك بالنسبة للنبي واسرته والدليل على ذلك حينما ابطا الوحي عن النزول قال له المشركون لقد قلاك ربك فردهم الله تعالى (ما ودعك ربك وما قلى ) وهذا يدل على علمهم بالدعوى لكنهم كانوا غير مكترثين في بادى الامر لو تتبعنا الاموال التي انفقتها لعرفنا ان اموالها كثيرة وقد انفقتها على مراحل فنراها (ع) تتبعت كل الاشخاص الذين تربطهم علاقة مع رسول الله واخذت تكرمهم فارسلت العطايا الى اسرة ابي طالب وعندما اتخذ رسول الله عليا ولدا بالغت في اكرامه فكانت مصداق لاية لم تنزل بعد (قل لا اسالكم اجرا الا المودة في القربى) كما انها اكرمت ثويبه مولاة ابي لهب والتي قيل انها ارضعت رسول الله في صغره وحليمة السعديه لتوليها رعاية رسول الله وارضاعه فاعطتها اربعين شاة وبعيرا
اما بعد البعثة ففي خضم المعركة الكبرى التي خاضها الاسلام كانت اموالها عونا للمسلمين الذين صودرت اموالهم وحرموا من العمل فكان ابو جهل يهدد بكساد تجارة كل من يتعامل مع محمد واصحابه وهلاك ماله وفي حصار الشعب كان مالها خيرعون في هذه الازمة التي استمرت ثلاث سنوات ولم تكتفي بذلك بل حاولت كسر الحصار مرارا فقد ارسلت الى ابناء عمومتها وابن اخيها من اجل امداد المحاصرين بالمؤنة سرا فكان لاسرتها اثر في كسر الحصار
وعلاوة على كونها زوجة وام كانت وزيرة يشاورها رسول الله ويشكو حزنه وعلى هذا الشكل رحلت السيدة تاركة فضائل لاتعد ولا تحصى لتنتقل من عالم الدنيا الفاني الى العالم العلوي الابدي رحلت من الدنيا لكنها بقيت في قلب وعقل رسول الله فكان لا يسير الا وهو يتذكرها فلم تشاركها امرأة في مكانتها
فنرى رسول الله حين دخل مكه في عام الفتح امر ان توضع الراية في الحجون حيث مرقد السيدة الجليلة واشرف على قيادة المعركة من هناك وكانه يقول لها هذا الدين الذي نشا من بيتك مفردا غريبا اتباعه قليلون اصبح اليوم عزيزا قويا يتبعه الالاف وكلهم يقولون لا اله الا الله محمد رسول الله

المصادر
السبدة خديجة بنت خويلد الزوجة المثال
حياة السيدة خديجة من المهد الى اللحد
مناقب ال ابي طالب

اعداد المبلغة : مي داود سعودي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات