● لي مع الحسينِ حكايةٌ

 

تهاوى جبلُ الصمتِ في أعماقي وما عادَ يحتملُ الصبرَ، وبدأ يُفصحُ عمّا في داخلي؛ فلكُلِّ واحدٍ منّا حكايةٌ، وحكايتي هي أعجوبةُ الدّهر؛ لأنّها سببٌ لإعادتي للحياة وأنا على قيدِ الحياة.
فها هي الدّنيا قد غلّقت أبوابها؛ لتجرفَ الكثير إلى مهالك الردى. لكّنه الحُسين بن علي (عليهما السلام)، فلا أبوابَ مغلّقةٌ أمامَ مصباحِ الهدى وسفينة النجاة.
أيّها المؤمنون، مزّقوا ثوبَ اليأسِ، واكتبوا على جدارِ الروحِ: تمسّكنا بالحُسين (عليه السلام) ما دُمنا وما دامتِ الحياة.
لا أقولُها غلوّاً، إنّما عن تجربة؛ فلقد أنعم الله (تعالى) عليَّ بنعمة الإيمان، والسيرِ على نهجِ أهلِ البيت (عليهم السلام)، ولكنَّ الشيطانَ لا يتركُ الإنسان، ولا ينفكّ أنْ يبثَّ وسوستهُ فيه؛ ليعيشَ أوهامَ التشكيك.
وحالي كحالِ الكثيرين ممّن وسوسَ له الشيطان؛ فكلّما ارتقيتُ اشتدتْ الحربُ مع الشيطان، حربٌ ضروسٌ استسلمَ لها الكثيرُ، وانتابني الخوفُ؛ فقد يتغلغلُ اليأسُ في أعماقي ويقودني للهزيمة والاستسلام للشيطان..
ماذا أفعل؟
وإذا بصرخةٍ تُزلزِلُ الوجودَ …
يا حُسين …
إنّه صوتُ الفطرةِ السليمة.
وإذا بالقلمِ يلوحُ أمامي، فأمسكتُ به بلا وعيٍ مني، وكتبتُ بعضَ الأسطرِ من الكلماتِ المُنمّقة التي كشفتُ بها عمّا بداخلي، وضمّنتُها شكوى للإمامِ الحسين (عليه السلام) واحتفظتُ بها سراً، وكأنّها حصنٌ لي من كُلِّ ما يُخيفني. فاطمأنّت نفسي، وأصبحتُ أمارسُ هذا الأمر كعادةٍ لي كُلّما ألمّتْ بي مشكلة، خصوصًا بعد أنْ رأيتُ آثارَ ما كتبتُ.
فكم من صديقٍ قد ألـمـّت به ضائقةٌ ماليةٌ أو صحية، فأمسكُ القلم لأكتبَ الأسطرَ تلو الأسطرَ وأحتفظ بها، فأرى انفراجَ أحوالهم بعد أن آيس الجميع من الانفراج.
فهذه هي حكايتي مع الحسين (عليه السلام)، حكايةٌ عرفتني بعينِ البصيرة مقامه؛ فحياتي تغيّرت، ولم تعدْ كالسابق، فهي اليوم تحيا على سفينةِ الحسين (عليه السلام) ولا تخشى الغرق؛ لأنّها تراه (عليه السلام) رؤيةَ بصيرةٍ لا باصرةٍ، فقد أعادت تلك الحكاية الحياة للحياة، فبلا معرفة بصيرية لا يُمكنُ أنْ تكون الحياة حياة.
لستُ ممّن يُكثر الزيارات إلى مولاي الحسين (عليه السلام)؛ بسبب المشاغل وبُعد الطريق، لكنّني أحرصُ على التّكلم معه من خلال تلك الأسطر التي تزيدُ من ارتباطي به وكأنّه معي يُلهمني، يوجهني، فما إنْ أخطئَ حتى يأتي نداء: يا حسين، ليملأ الوجود، فأعود وأستغفر ربي.
حاولتُ أن ألتزم الصمت، وأتجرّعَ مرارة الكتمان؛ لكنّ صدى صُراخ الروح قد سمعها كُلُّ بني الإنسان، وكسَّر بصراخِه القضبان، واعتلى منبر الحق ليعلنَ للملأ عن حكايةٍ هي أعجوبةُ الدهر.
وها نحن نقتربُ من شهرِ محرمٍ الحرام، وسيبدأ عُشاقُ الحسين (عليه السلام) حكايتهم معه.
في ظل الجائحة تكبّلَ الكثيرُ من العشاق، وحتمًا ستكونُ للشيطان صولة. وإلهامي ينبئني أنّ الفرج قريبٌ، وسَتُعلنُ هزيمةُ الشيطان، فهذا العامُ سيختلفُ عن باقي الأعوام.
وسيكون نداء : يا حُسين … نداءَ عَبرةٍ وعِبرةٍ
فيا عشاق الحُسين (عليه السلام) هيأوا الأقلام؛ لتكتبوا حكايتكم مع الحسين في عام ٢٠٢٠
وليكنْ عامَ حزنٍ عن بصيرة؛ فحزنُ البصيرة يفوقُ كلَّ الأحزان.

✍ بقلم : وجدان الشوهاني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات