♦️من منصة دعاء عرفة

 

 

لن تحط الرحال ولن يهدأ لها بال ، فأجنحة الروح ترفرف على أغصان الإشتياق ، حتى ذابت وانصهرت به، تبحث في الأروقة عن طريق يوصلها إلى ركنِ الهدوء والاستقرار.
لا تَلُمها فالعاشق المشتاق لا يُلام ، فحين يشتد الشوق لا يقف أمام سيله الجارف سدود الموعظة والكلام ،
هائمةً تريد فتح قفص الحياة ، واجتياز أعمدة الحواجز
متناسيةً حرارة الجو و(كورونا) ذلك الفايروس الفتّاك.
فعاتبتُ السماء بنظرة ، وأخرجتُ من الصدر حسرة ، فتمتمتُ بها ،
تُرى كيف للطيور أن تهاجر فلا حدود ولا سلاح ولا أحد يمنعها !
فمرت لحظات حُبستْ لها الانفاس وخفقتْ لها القلوب وتدفقتْ فيها المشاعر واستعدتُ فيها شريط الذكريات.
ذكريات (ريتاج ) وذلك الفرح الذي اعتلى محيّاها حينما حملتْ القرعة اسمها واستبشرتْ ورسمتْ في خيالها للموعد ألف خطةٍ وخطة، إلّا إنّه سرعان ما تلاشى ذلك الفرح وانطفأ نوره والأسباب معروفة.
لا سفر ولا حج ‏في هذه الأيام.
وعندما اقتربت أيّام التلبية والنداء، وتلك الأصوات المتحدة وكإنّها صوتٌ واحد تصدح ب
(لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك )
فهامت لتردد معهم قلباً ولساناً ذلك الشعار ثمّ عادت وبين يديها ( دعاء عرفة) ، ولا تعلم
أ في حلمٍ هي أم حقيقة ؟
فحينها أطلقت الاستعاذة فالحوقلة والبسملة، ‏لتنطلق في رحلتها مع سيد الشهداء (الحسين عليه السلام)
‏فعندها عاد ‏الأستقرار إلى نفسها وهي تردد (الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع ولا لعطائه مانع)
فبدأت روحها تصعد سُلّم الأمان درجةً بعد أخرى ‏وهي تتأمل الفصاحة والموعظة، وتكتشِف الأسرار في هذا الدعاء الذي أخذ في بناء الأسس الصحيحة ، التي أضاءت مصابيحها للإنسانية ورسمت المنهاج الصحيح لخطى الانسان.
فكانت الربوبية أوّل الدروس وذكرَ سُنّة الدهور والسنين وكيف من العدم خُلِقَ الانسان!
فالحكاية طويلة والمشاهد غريبة تتخيلها من منصة دعاء عرفة لتتجلّى لها آثار ذلك اليوم .
فمن نطفةٍ خُلقُنا وبظلماتٍ ثلاث مررنا.
وكيف جئنا إلى الدنيا، فكلُّ واحدٍ فينا كان طفلاً ووفّر له الغذاء من ذلك اللبن.
وَعَطَفت عليَّ قلوب الحواضن
اي دقة في التعبير واي فصاحة وبلاغة واي مشاهد مؤثرة!
إنّها ‏ليست نعمةً واحدةً ‏وإنما نِعَم لا تحصى.
وهذا قول الله جلَّ وعلا : (وان تعدوا نعمة الله لاتُحصوها).
مازالتْ مع سيد الشهداء تتابِع قوله في ذلك المكان الطاهر وسط الجمع المؤمن من الناس وقد إبتلت لحيته الكريمة من دموع عينيه وهو يناجي ربه تحت أشعة الشمس الحارقة ويستغفر.
سيدي ومولاي انت الإمام المعصوم من الخطأ والزلل فماذا نقول نحن ! وبأي لغة نخاطب الله وقد ملأت الذنوب صفحات ايامنا ؟
اشتد بكاؤها وازداد .
فرَسَمت بعين الخيال أمامها ذلك المشهد ‏حيث إتسع بؤبؤ عينيها لترى ذلك المشهد الذي كان فيه الحسين (عليه السلام ) يتصبب عرقاً وتختلط دموع عينيه الشريفتين بلحيته المباركة، وهو يلوذ بنفسه عن حَرَمه وعرضه ودينه،.
فأحداث الطف، ومنظر عيال الحسين عليه السلام ، و نداءات العطش حيث الشمس فوق رؤوسهم وحرارة الأرض تلسع أرجلهم، نعم صورة لكربلاء،.
لذا تصاعد بكاؤها وصوت الحسين يملأ أركان المكان بالبكاء والاستغفار وهو يردد
: (عَمِيت عينٌ لاتراك عليها رقيبا ) وعبارة أخرى
:(ماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك) .
تأملَتْ كلَّ الخطاب الروحاني الذي ناجى به الحسين (عليه السلام ) ربه ، وقالت في حسرة وندم إلهي إغفر لي ذنوبي واقبل توبتي ، وأنزل عليّ بلاءك لكي أصقل النّفس الإمارة بالسوء الا مارحِم ربي .
وختمت بالصلاة لوجه الله.
ومن القلب رددت :
اللهم اجعلنا من حجاج بيتك الحرام .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

التخطي إلى شريط الأدوات